ومات الأمير الكبير أتابك الجيوش الإسلامية سيف الدين طاز بن عبد الله الناصري أحد الشجعان والأبطال وأكبر أمراء الدولة في سنة خمسين وما بعدها، ولما حج بيغبغاروس، نائب مصر في أيام الناصر حسن سنة إحدى وخمسين، أردفوه بالأمير سيف الدين طاز، فساس الأمر وتلطف بالأمير يلبغا غاية اللطف، ولما وقعت الفتنة بمنى ذلك العام، قبض على الملك المجاهد صاحب اليمن، وعلى رميثة صاحب مكة، وعلى طفيل صاحب المدينة النبوية، على ساكنها أفضل الصلاة والسلام، فقدم بالجميع إلى مصر من غير تكلف حتى وطئوا بساط السلطان.
ثم ولي نيابة حلب في سنة خمس وخمسين كما تقدم، ثم عزل واعتقل بالكرك، ثم أحضره السلطان إلى القاهرة فكحله واعتقله بالإسكندرية، ثم أخرج إلى القدس الشريف فأقام أياماً ثم حضر إلى دمشق فمات بها في العشرين من ذي الحجة وفيها نقض أهل ملطية وثاروا على نائبهم فخرج إلى حلب وجهز إليهم عسكراً.
[سنة أربع وستين وسبعمائة]
وفي صفر منها
طلب سيدنا قاضي القضاة شيخ افسلام بهاء الدين السبكي إلى مصر على البريد، وأعيد إلى وظائف الشيخونية، والشافعي، والجامع الطولوني، وفتيا دار العدل. وسئل سيدنا قاضي القضاة شيخ الإسلام تاج الدين السبكي - فسح الله في مدته - في العود إلى قضاء الشام على عادته فلم يجب، حتى روجع في ذلك مرات فعاد بحمد الله تعالى إلى دمشق قاضياً على عادته، ودخلها بكرة يوم