سجلماسة وفاس، وسبتة، وإلى البحر المحيط، جهّزه بالجيوش والأموال، فأخذ الديار المصرية، وبنى مدينة القاهرة المعزّية، وكان مظهراً للتَّشيُّع، معظماً لحرمات الإسلام، حليماً كريماً، وقوراً حازماً سرياً، يرجع إلى عدل وإنصاف في الجملة، توفي في ربيع الآخر، وله ست وأربعون سنة.
[سنة ست وستين وثلاثمائة]
فيها كان الحرب بين عضد الدَّولة، وابن عمه الدَّولة بختيار، أسر فيها غلام لعز الدَّولة، فكاد يموت من جزعه لفراقه، وامتنع من الأكل، وأخذ في البكاء، وبقي ضحكة بين الناس، وبعث يتذلّل بكل ممكن لعضد الدَّولة، وبعث له جاريتين بمائة ألف، فردّه عليه.
وفيها حجّت جميلة بنت الملك ناصر الدَّولة ابن حمدان، وصار حجُّها يضرب به المثل، فإنها أغنت المجاورين، وقيل كان معها أربعمائة كجاوية، لا يدرى في أيّها هي، لكونهنّ كلهنّ في الحسن والرتبة نسبة، ونثرت على الكعبة لما دخلتها، عشرة آلاف دينار.
وفيها مات ملك القرامطة، الحسن بن أحمد بن أبي سعيد الجنّابي القرمطي، الذي استولى على أكثر الشام، وهزم جيش المعزّ، وقتل قائدهم جعفر بن فلاح، وذهب إلى مصر وحاصرها شهوراً، قبل مجيء المعز، وكان يظهر طاعة الطايع لله، وله شعر وفضيلة، ولد بالحساء، ومات بالرّملة.