قال الحاكم: ما رأيت الرحالة في بلد، أكثر منهم إليه، رأيت جماعة من الأندلس، ومن أهل فارس على بابه.
قلت: سمع من جماعة من أصحاب سفيان بن عيينة، وابن وهب، وكانت رحلته مع والده، في سنة خمس وستين ومئتين، فغاب عن بلده خمس سنين، وسمع بأصبهان والعراق ومصر والشام والحجاز والجزيرة.
وفيها مسند الأندلس، أبو الحزم وهب بن مسرَّة التميمي الفقيه، وكان إماماً في مذهب مالك، محققاً له بصيراً بالحديث وعلله، مع زهد وورع. روى الكثير عن محمد بن وضاح وجماعة، ومات في شعبان، في عشر التسعين.
[سنة سبع وأربعين وثلاثمئة]
فيها فتكت الروم لعنهم الله، ببلاد الإسلام، وعظمت المصيبة وقتلوا خلائق، وأخذوا عدّة حصون بنواحي آمد، وميّافارقين، ثم وصلوا إلى قنَّسرين، فالتقاهم سيف الدولة بن حمدان، فعجز عنهم، وقتلوا معظم رجاله، وأسروا أهله، ونجا هو في عدد يسير.
وفيها سار معز الدولة، واستولى على إقليم الجزيرة، وفرّ بين يديه صاحبها ناصر الدولة، فقدم على أخيه بحلب، ملتجئاً إليه، وجرت لأمور طويلة. ثم إن سيف الدولة، أرسل إلى معز الدولة يستعطفه، فعقد له على الموصل، وذلك لأن ناصر الدولة، نكث بمعز الدولة مرّات، ومنعه الحمل والخراج.