ويوسف بن تاشفين أمير المسلمين، سلطان المغرب، أبو يعقوب الَّلمتوني البربري الملثّم، توفي في ثالث المحرم، عن تسعين سنة، وكان أكبر ملوك الدنيا في عصره، ودولته بضع وثلاثون سنة، وكان بطلاً شجاعاً عادلاً، عديم الرفاهية، قشب العيش على قاعدة البربر، اختط مرّاكش وأنشأها في سرح، وصيّرها دار الإمارة، وكثرت جيوشه وبعد صيته وتملك الأندلس، ودانت له الأمم، وفي آخر أيامه، بعث رسولاً إلى العراق، يطلب عهداً من المستظهر بالله، فبعث له بالخلع والتقليد واللواء، وأقيمت الخطبة العباسيّة بممالكه، وعهد بالأمر من بعده إلى ابنه عليّ، الذي خرج عليه ابن تومرت.
[سنة إحدى وخمس مئة]
فيها كانت وقعةٌ كبيرة بالعراق بين سيف الدولة صدقة بن منصور ابن دبيس أمير العرب وبين السلطان محمَّد، فقتل صدقة في المصافّ.
وفيها كان الحصار على صور وعلى طرابلس والشام في ضرٍّ مع الفرنج.
وفيها توفي تميم بن المعز بن باديس السلطان أبو يحيى الحميري صاحب القيروان. ملك بعد أبيه وكان حسن السّيرة محباً للعلماء، مقصداً للشعراء، كامل الشجاعة، وافر الهيبة. عاش تسعاً وسبعين سنة. وامتدّت أيامه، وكانت دولته ستّاً وخمسين سنة، وخلّف أكثر من مئة ولد، وتملّك بعده ابنه يحيى.