والسلطان مسعود غياث الدين أبو الفتح بن محمد بن ملكشاه بن ألب أرسلان بن طغر بيك السلجوقي. رباه بالموصل الأمير مودود، ثم اقسنقر البرسقي، ثم جوش بك. فلما هلك أخوه السلطان محمود طعمة جوش بك في السلطنة. فجمع وحشد، والتقى أخاه، فانكسر مسعود. ثم تنقلت به الأحوال واستقل بالملك سنة ثمان وعشرين. وامتدت أيامه، وكان منهمكاً في اللهو واللعب، كثير المزاح، لين العريكة. سعيداً في دنياه سامحه الله تعالى. عاش خمساً وأربعين سنة. ومات في جمادى الآخرة. وكان قد آذىالمقتفي في الآخر فقنت عليه شهراً فمات.
[سنة ثمان وأربعين وخمس مئة]
فيها خرجت الغز على أهل خراسان، وهم تركمان ما وراء النهر. فالتقاهم سنجر، فاستتباحوا عسكره قتلاً وأسراً. ثم هجموا بنيسابور فقتلوا فيها قتلاً زريعاً، ثم أخذوا بلخ، وأسروا السلطان سنجر، وقالوا: أنت سلطاننا، ونحن أجنادك. ولو أمنا إليك لمكناك من الأمور وبقي في أيديهم مدة، وأسماء مقدميهم: دينار، وبختيار، وطوطي، وأرسلان، وجعفر، ومحمود. وكانوا نحو مئة ألف خركاه. فلما مكت الخطا ما وراء النهر طردوا عنها هؤلاء الغز. فنزلوا بنواحي بلخ، ثم ثاروا وعملوا بخراسان مالا تعمله الكفار من القتل والسبي والخراب والمصادرة والعذاب، ولم يسلم سوى هراة. ولقد أحصي في محلتين من نيسابور خمسة عشر ألف قتيل. ثم تجمع عسكر خراسان فواقعوا الغز غير مرة في أكثرها كان النصر للغز. ثم استولى على نيسابور