باب القصر فطرقوه بزعجة، فخرج أرغون شاه مسرعاً، فقبضوه وسحبوه إلى خارج القصر عند المنيع، فذبحوه وأمسكوا السكين بيده، وأحضروا من ليلتهم القاضي جمال الدين إبراهيم الحسباني والشهود وسألوهم هل تعرفون هذا؟ فأنكره القاضي والشهود، فعرفوهم به وراودوهم أن يعملوا محضراً أنهم وجدوه مذبوحاً وبيده السكين، يعنون أنه ذبح نفسه، فامتنع القاضي والشهود وأدركهم الصبح، فظهر ألجي بغا وإياس، ونصبوا الخيام بالميدان الكبير، وأخرجوا كتاباً مفتعلاً على السلطان أنه أمرهم بما فعلوا، وجلس ألجي بغا والموقعون في الميدان فحكم ذلك اليوم، وعلم على المراسيم كعادة النواب، فلما كان في اليوم الثاني، أراد الخروج والعود إلى طرابلس، فخرج ذوو الرأي من الأمراء مثل ألجي بغا العادلي، وبدر الدين ابن خضير في آخرين وهم ملبسون، وأرادوا منعه من الخروج من دمشق حتى يكاتبوا إلى مصر ويستصحوا الخبر، فانتدب لهم ألجي بغا الخارجي بمن معه بالسيوف، فتأخر عنه الأمراء وخافوا الفتنة، لكن قطعت يد ألجي بغا العادلي، وخرج ألجي بغا المظفري على حمية حتى قدم طرابلس، وبلغ ذلك السلطان فأنكر على أمراء الشام بسبب ذلك، وأرسل يطلب ألجي بغا العادلي، فخرج من طرابلس وشق العصا، فركب العسكر في طلبه، وتوجه إليه جماعة من عسكر دمشق وضايقوه في البرية حتى قبضوه وحضروا به إلى دمشق، وحبسوه وإياس بالقلعة، فورد المرسوم بقتلهما وإشهارهما، فقتلا في حادي عشرين ربيع الآخر، وعلقا تحت القلعة نصفين.
وولي نيابة دمشق الأمير سيف الدين أيتمش الناصري فقدمها في جمادى الآخرة، وكان لين الجانب.
وفيها مات المعمر الصالح الزاهد شمس الدين محمد بن عبد الحليم الرقي الحنفي النقيب عن نحو تسعين سنة. حدث عن أبي بكر بن البشتي وغيره.