وكان على مقدمة جيوش المنصور حميد بن قحطبة. فانهزم، وجعل عيسى بن موسى يثبت الناس، قد بقي في مئة من حاشيته. فأشاروا عليه بالفرار. فقال: لا أزل حتى أظفر أو أقتل. وكان يضرب به المثل بشجاعته ثم دار أبناء سليمان بن علي في طائفة وجاءوا من وراء إبراهيم. وحملوا على عسكره.
قال عيسى: لولا ابنا سليمان لافتضحنا. ومن صنع الله أن أصحابنا انهزموا.
فاعترض لهم نهرٌ، ولم يجدوا مخاضة، فرجعوا. فوقعت الهزيمة على أصحاب إبراهيم، حتى بقي في سبعين، وأقبل حميد بن قحطبة فحمل بأصحابه. واشتد القتال حتى تفانى خلق تحت السيف طول النهار. وجاء سهم غرب لا يدرى من رمي به في حلق إبراهيم، فأنزلوه وهو يقول " وكان أمر الله قدراً مقدوراً " أردنا أمراً وأراد الله غيره. واجتمع أصحابه يحمونه. وأنكر حميداً اجتماعهم وحمل عليهم. فتفرقوا عن إبراهيم فنزل جماعة واحتزوا رأسه. وبعث به إلى المنصور. وذلك في الخامس والعشرين من ذي القعدة، وعمره ثمان وأربعون سنة. وكان قد آذاه يومئذ الحر وحرارة الزردية. فحسرها عن صدره، فأصيب في لبته. ووصل إلى المنصور خلق منهزمين، وهيأ النجائب ليهرب إلى الري وكان يتمثل:
ونصبت نفسي للرماح درية ... إن الرئيس لمثل ذاك فعول
فلما أسرعوا إليه بالبشارة وبالرأس تمثل بقول معقر البارقي:
فألقت عصاها واستقر بها النوى ... كما قر عيناً بالإياب المسافر
قال خليفة: خرج مع إبراهيم: هشيم، وأبو خالد الأحمر وعيسى بن يونس. وعباد بن العوام، ويزيد بن هارون، وكان أبو حنيفة يجاهر في