وفي ثالث جمادى الآخر توفي هارون الرشيد أبو جعفر بن المهدي محمد بن المنصور عبد الله العباسي بطوس. وكانت أيامه ثلاثاً وعشرين سنة. ومولده بالري سنة ثمان وأربعين ومئة. روى عن أبيه وجده. مبارك بن فضالة. وحج مرات في خلافته. وغزا عدة غزوات حتى قيل فيه:
فمن يطلب لقائك أو يرده ... فبالحرمين أو أقصى الثغور
وكان شهماً شجاعاً حازماً جواداً ممدحاً فيه دين وسنة، مع انهماكه على اللذات والقيان. وكان أبيض طويلاً سميناً مليحاً، قد خطه الشيب. ورد أنه كان يصلي في اليوم مئة ركعة إلى أن مات، ويتصدق كل يوم من صلب ماله بألف درهم. وكان يخضع للكبار، ويتأدب معهم. وعظه الفضيل. وابن السماك، وغيرهما. وله مشاركة قوية في الفقه والعلم والأدب.
وفيها وقيل بعدها. فقيه الأندلس زياد بن عبد الرحمن اللخمي شبطون صاحب مالك. وعليه تفقه يحيى بن يحيى قبل أن يرحل الى مالك. وكان زياد ناسكاً ورعاً، أريد على القضاء فهرب. وفيها نقفور ملك الروم في حرب برجان. وكانت مملكته تسعة أعوام. فملك بعده ابنه شهرين وهلك. فملك زوج أخته ميخائل بن جرجس لعنهم الله.