أمراء الترك قد استولوا على الأمر، وبقي المستعين مقهوراً معهم، فتحول من سامرا إلى بغداد غضبان، فوجهوا يعتذرون إليه ويسألونه الرجوع، فامتنع. فعمدوا إلى الحبس، فأخرجوا المعتز بالله وحلفوا له. وجاء أبو أحمد لمحاصرة المستعين. فتهيأ المستعين ونائب بغداد ابن طاهر للحرب. وبنوا سور بغداد. ووقع القتال. ونصبت المجانيق، ودام الحصار أشهر، واشتد البلاء وكثر القتل، وجهد أهل بغداد. حتى أكلوا الجيف وجرت عدة وقعات بين الفريقين. قتل في وقعة منها نحو الألفين من البغاددة. إلى أن كلوا وضعف أمرهم وقوي أمر المعتز. ثم تخلى ابن طاهر عن المستعين. لما رأى البلاء وكاتب المعتز ثم سعوا في الصلح على خلع المستعين فخلع نفسه على شروط مؤكدة في أول سنة اثنتين هذه. ثم أنفذوه إلى واسط. فاعتقل تسعة أشهر. ثم أحضر إلى سامرا، فقتلوه بقادسية سامرا في آخر رمضان.
وكان ربعة، خفيف العارضين، أحمر الوجه مليحاً، بوجه أثر جدري. ويلثغ في السين نحو الثاء. وكان مسرفاً في تبذير الخزائن والذخائر سامحه الله.
وفيها إسحاق بن بهلول، أبو يعقوب التنوخي الأنباري الحافظ. سمع ابن عيينة وطبقته وكان من كبار الأئمة، صنف في القراءات وفي الحديث والفقه.
قال ابن صاعد: حدث إسحاق بن بهلول نحو خمسين ألف حديث من حفظه.