بالرأس بغداد، وعملت القباب، وكان يوما مشهوداً، وأمن الناس وشرعوا يتراجعون إلى الأمصار التي أخذها الخبيث، وكانت أيامه خمس عشرة سنة.
قال الصولي: قتل من المسلمين ألف ألف وخمسمائة ألف. قال: وقتل في يوم واحد بالبصرة ثلاثمائة ألف، وكان يصعد على المنبر، فيسب عثمان وعلياً وعائشة ومعاوية. وهو اعتقادً الأزارقة، وكان ينادي في عسكره على العلوية بدرهمين وثلاثة، وكان عند الواحد من الزنج العشرة من العلويات يفترشهن، وكان الخبيث خارجياً يقول: لاحكم إلا لله. وقيل: كان زنديقاً يتستر بمذهب الخوارج وهو أشبه، فان الموفق كتب إليه وهو يحاربه في سنة سبع وستين، يدعوه إلى التوبة والإنابة إلى الله، مما فعل من سفك الدماء، وسبي الحريم، وانتحال النبوة والوحي، فما زاده الكتاب إلا تجبراً وطغياناً. ويقال: إنه قتل الرسول، فازل الموفق مدينته المختارة، فتأملها فاذا مدينة حصينة محكمة الأسوار، عميقة الخادق، فرأى شيعا مهولا، ورأى من كترة المقاتلة ما أذهله، تم رموه رمية واحدة بالمجانيق والمقاليع والنشاب، وصاحوا صيحة واحدة، ارتجت منها الأرض، فعمد الموفق إلى مكاتبة قواد الخبيث واستمالهم، فاستجاب اسه عدد منهم فأحسن إليهم وقتل، وكان الخبيث منجما يكتب الخروز، وأول شيئ كان بواسط، فحبسه محمد بن أبي عون ثم أطلقه، فلم يلبث أن خرج بالبصرة، واستغوى السودان الزبالين والعبيد، فصار أمره إلى ما صار.
وفيها في ذي القعدة، توفي أمير الديار المصرية والشامية أبو العباس أحمد بن طولون، وهو في عشر الستين، وخلف عشرة ألف ألف دينار، وكان له أربعة عشر ألف مملوك، وكان كريماً شجاعاً مهيباً حازماً لبيباً.