للمسترشد بالله وتحول أهل بغداد كلّهم إلى الجانب الغربيّ، ونزل محمود والعسكر بالجانب الشرقي، وتراموا بالنشّاب، وتردّدت الرسل في الصلح، فلم يقبل الخليفة فهدمت دور الخلافة. فغضب الخليفة وخرج من المخيّم، والوزير ابن صدقة بين يديه، فقدّموا السفن في دفعة واحدة، وعبر عسكر الخليفة، وألبسوا الملاَّحين السّلاح، وسبح العيّارون، وصاح المسترشد: يال بني هاشم: فتحركت النفوس معه. هذا وعسكر السلطان مشغولون بالنهب، فلما رأوا الجدّ ذلّوا وولّوا الأدبار، ومل فيهم السيف اسر منهم خلقٌ، وقتل جماعةٌ أمراء. ودخل الخليفة إلى داره. وكان معه يومئذ قريب من الثلاثين ألف مقاتل بالعوام. ثم وقع الصلح.
وفيها ورد الخبر بأن سنجر صاحب خراسان قتل من الباطنية اثني عشر ألفاً.
ومرض السلطان محمود وتعلّل بعد الصلح. فرحل إلى همذان وولي بغداد الأمير عماد الدين زنكي بن آقسنقر. ثم صرف بعد أشهر، وفوّض إليه الموصل. فسار إليها لموت متولِّيها مسعود بن آقسنقر البرسقي.
وفيها توفي أبو السعادات أحمد بن أحمد بن عبد الواحد الهاشميّ العباسي المتوكلي. شريفٌ صالحٌ خيرٌ. روى عن الخطيب وابن المسلمة، وعاش ثمانين سنة. ختم التراويح ليلة وعشرين ورجع إلى منزله فسقط من السطح فمات.
وأبو الحسن الدِّينوري عليُّ بن عبد الواحد. روى عن القرويني وأبي محمد الخلال وجماعة. وهو أقدم شيخ لابن الجوزي، توفي في جمادى الآخرة.