إنكم إن قتلتم زنكي أعطيتم بلاده. وعرف زنكي فرحل هو والراشد ونزل بغداد. فدخلها مسعودٌ فأظهر القول واجتمع إليه الأعيان والعلماء وحطّوا على الراشد. وبالغ في ذلك عليُّ بن طراد، وقيل بل أخرج مسعود خط الراشد يقول إني متى جندت انعزلت ثم نهض علي بن طراد بأعباء القضية واجتمع بالقضاة والمفتين وخوّفهم وأرهبهم إن لم يخلعوا الراشد. وكتب محضراً فيه: إن أبا جعفر بن المسترشد بدا منه سوء فعالٍ وسفك دماءٍ، وفعل مالا يجوز أن يكون معه إماماً. وشهد بذلك جماعةٌ. ثم حكم ابن الكرجي وهو قاضٍ بخلعه في ذي القعدة. وأحضروا محمد بن المستظهر فبايعوه ولقّبوه المقتفي لأمر الله. ثم أخذ مسعود جميع ما في دار الخلافة حتى لم يدع في دار الخلافة سوى أربعة أفراس. فقيل إنهم بايعوه على أن لا يكون عنده خيل ولا آلة سفر. وبايعه مسعود يوم عرفة.
وفيها كبس عسكر حلب بلاد الفرنج بالساحل فأسروا وسبوا وغنموا، وشرع أمر الفرنج يتضعضع.
وفيها توفي نصر البئّار إبراهيم بن الفضل الإصبهاني الحافظ، روى عن أبي الحسين بن النقور وخلق.
قال ابن السمعاني: رحل وسمع، وما أظنّ أحداً بعد ابن طاهر المقدسي رحل وطوّف مثله، أو جمع الأبواب كجمعه إلا أنّ الإدبار لحقه في آخر الأمر.
وكان يقف في سوق إصبهان ويروي من حفظه بسنده. وسمعت أنه يضع في الحال. وقال لي إسماعيل بن محمد الحافظ: اشكر الله كيف ما لحقته. وأمّا ابن طاهر المقدسي فجرّب عليه الكذب مرات.