سلّمت البلد إلى أولاد زنكي فلا يبقى لكم معه ملك. فأجابوه إلى التخلَّي عن ملك الألمان وبذل لهم حصن بانياس فاجتمعوا بملك الألمان وخوفوه من عساكر الشرق. فترحّل في البحر من عكّا وبلاده وراء القسطنطينيّة.
وفيها سارت بعض العساكر محاربين منابذين للسلطان مسعود، ومعهم محمد شاه ابن السلطان محمود، ونازلوا بغداد، وعاثوا ونهبوا وسبوا البنات. فعسكر المقتفي وقاتلت العامة، وبقي الحصار أيّاماً. ثم برز الناس بالعدّة التامة فتقهقر لهم العسكر فتبعوهم. فخرج كمين للعسكر فانهزمت العامة، وقتل منهم يومئذ نحو الخمس مئة. ثم تلافت الأمراء القضية ورموا نفوسهم تحت التاج، واعتذروا فلم يجابوا إلى ثاني يوم. وترحّلوا. وأما السواد فخرب ودخل أهله في جوع وعرى يستعطفون.
وفيها كان شدة القحط بافريقية. فانتهز رجار صاحب صقلية الفرصة وأقبل في مئتين وخمسين مركباً. فهرب منه صاحب المهديّة فأخذها الملعون بلا ضربة ولا طعنة، وانتهبها ساعتين، وأمّنهم. وصار للفرنج من أطرابلس المغرب إلى قريب تونس. وأما صاحبها الحسن بن علي بن يحيى بن تميم الباديسي فإنه عزم على الالتجاء إلى عبد المؤمن. والحسن هو التاسع من ملوك بني زيري بالقيروان.
وفيها توفي أبو تمام أحمد بن أبي العزّ محمد بن المختار بن المؤيد بالله الهاشميّ العباسيّ البغداديّ السفّار نزيل خراسان. سمع أبا جعفر بن المسلمة وغيره. وتوفي في ذي القعدة بنيسابور عن بضعٍ وتسعين سنة.