وفيها جاءت الأخبار بأن السلطان محمد شاه على قصد بغداد. فاستعرض المقتفي جيشه فزادوا على اثني عشر ألف فارس. فمات البقش وضعف عزم محمد شاه. فخامر عليه جماعة أمراء ولجأوا إلى الخليفة، وجاءت الأخبار بما فيه السلطان سنجر من الذل: له اسم السلطنة، رواتبه من الغز راتب سائس، وأنه يبكي على نفسه.
وفيها في صفر أخذ نور الدين دمشق من مجير الدين أبق بن محمد بن بوري بن طغتكين على أن يعوضه بحمص. فلم يتم، وأعطاه بالس. فغضب وسار إلى بغداد وبنى بها داراً فاخرة وبقي بها مدة. وكانت الفرنج قد طمعوا في دمشق بحيث أن نوابهم استعرضوا من بدمشق من الرقيق فمن أحب المقام تركوه ومن أراد العود إلى وطنه أخذوه قهراً. وكان لهم على أهل دمشق القطيعة كل سنة فلطف الله. واستمال نور الدين أحداث دمشق، فلما جاء ونازلهم استنجد أبق بالفرنج. وسلم إليه الناس البلد من شرقيه، وحاصر أيق في القلعة. ثم نزل بعد أيام. وبعث المقتفي عهداً بالسلطنة لنور الدين وأمره بالمسير إلى مصر وكان مشغولاً بحرب الفرنج.
وفيها توفي الظاهر بالله أبو منصور إسماعيل بن الحافظ لدين الله عبد المجيد بن المستنصر بالله العبيدي الرافضي. بقي في الولاية خمسة أعوام، ووزر له ابن مصال، ثم ابن السلار، ثم عباس، ثم إن عباساً وابنه نصراً قتلا الظافر غيلةً في دارهما وجحداه في شعبان، وأجلس عباس في الدست الفائز عيسى بن الظافر صغيراً. وكان الظافر شاباً لعاباً منهمكاً في الملاهي والقصف. فدعاه نصر إليه وكان يحب نصراً. فجاءه متنكراً معه