فدفع الباب فإذا ليس له غَلَق، فدخل في بيت مظلم فجعل يلمسه حتى وقع عليه فجسَّ وساده فإذا برذعة، وجسَّ فراشه فإذا بطحاء، وجسَّ دثاره فإذا كساء رقيق. قال عمر: رحمك الله، ألم أوسِّع عليك؟ ألم أفعل بك؟ فقال له أبو الدرداء: أتذكر حديثاً حدَّثناه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أي حديث؟ قال: «ليكن بلاغ أحدكم من الدنيا كزاد الراكب. قال: نعم قال: فماذا فعلنا بعده يا عمر؟ قال: فما زالا يتجاوبان بالبكاء حتى أصبحا.
زهد معاذ بن عفراء رضي الله عنه قصته مع عمر رضي الله عنهما في شأن الحلَّة
أخرج عمر بن شَبَّة عن أفلح مولى أبي أيوب رضي الله عنه قال: كان عمر رضي الله عنه يأمر بحلل تنسج لأهل بدر يتنوَّق فيها، فبعث إِلى معاذ بن عفراء رضي الله عنه حلَّة. فقال لي معاذ: يا أفلح بعْ هذه الحلة، فبعتها له بألف وخمس مائة درهم، ثم قال: إذهب فابتع لي بها رِقاباً، فاشتريت له خمس رقاب، ثم قال: والله إن أمرأ أختار قشرين يلبسهما على خمس رقاب يعتقها لغبين الرأي، إذهبوا فأنتم أحرار، فبلغ عمر أنه لا يلبس ما يبعث به إليه. فاتخذ له حلَّة غليظة أنفق عليها مائة درهم، فلما أتاه بها الرسول قال: ما أره بعثك بها إليَّ قال: بلى - والله - فأخذ الحلّة فأتى بها عمر، فقال: يا أمير المؤمنين بعثت إليَّ بهذه الحلَّة؟ قال: نعم إنْ كنا لنبعث إليك بحلَّة مما نتخذ لك ولإِخوانك فبلغني أنك لا تلبسها. فقال: يا أمير المؤمنين إِني وإِن كنت لا ألبسها فإني أحب أن يأتين من صالح عندك، فأعاد له حلَّته. كذا في صفوة الصفوة.