إحداهما معاوية بن أبي سفيان والأخرى صفوان بن أمية.
[خبر أبي بصير مع الرجلين اللذين أرسلا في طلبه]
ثم رجع النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة فجاءه أبو بصير رضي الله عنه - رجل من قريش وهو مسلم - فأرسلوا في طلبه رجلَين، فقالوا: العَهْدَ الذي جعلت لنا. فدفعه إلى الرجلين، فخرجا به حتى بلغا ذا الحُليفة فنزلوا يأكلون من تمر لهم. فقال أبو بصير لأحد الرجلين: والله إنِّي لأرى سيفك هذا يا فلان جيداً فاستلّه الآخر فقال: أجل - والله - إنه لجيدٌ، لقد جرّبت به ثم جرّبت. فقال أبو بصير: أرني أنظرْ إليه. فأمكنه منه، فضربه حتى بَرَد، وفرّ الآخر حتى أتى المدينة فدخل المسجد يعدو، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رآه:«لقد رأى هذا ذُعْراً» . فلما انتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال:«قُتل - والله - صاحبي وإني لمقتول، فجاء أبو بصير فقال: يا نبي الله قد - والله - أوفى الله ذمتك، قد رددتني إليهم ثم أنجاني الله منهم. فقال النبي صلى الله عليه وسلم «ويْلُ أُمِّهِ مِسْعَر حرب لو كان له أحد» . فلما سمع ذلك عرف أنه سيرده إليهم، فخرج حتى أتى سِيف البحر.
[لحوق أبي جندل بأبي بصير واعتراضهما لعير قريش]
قال: وينفلت منهم أبو جندل بن سهيل بن عمرو رضي الله عنه فلحق بأبي بصير، فجعل لا يخرج من قريش رجل قد أسلم إلا لحق بأبي بصير حتى اجتمعت منهم عصابة، فوالله ما يسمعون بعِير خرجت؛ لقريش إلى الشام إلا اعترضوا لها فقتلوهم وأخذوا أموالهم. فأرسلت قريش إلى النبي صلى الله عليه وسلم تناشده بالله والرّحِمِ لمَّا أرسل إِليهم فمن أتاه فهو آمن. فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إليم فأنزل الله تعالى: {وَهُوَ الَّذِى كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُم بِبَطْنِ مَكَّةَ مِن بَعْدِ أَنْ