سار من عماله عمرو بن العاص رضي الله عنه، وأمره أن يسلك على أيْلَة عامداً لفلسطين. وكان جند عمرو الذين خرجوا من المدينة ثلاثة آلاف، فيهم ناس كثير من المهاجرين والأنصار، وخرج أبو بكر الصديق رضي الله عنه يمشي إلى جنب راحلة عمرو بن العاص رضي الله عنه وهو يوصيه ويقول:
«يا عمرو، إتَّق الله في سرائرك وعلانيتك واستحِيه، فإنه يراك ويرى عملك؛ وقد رأيتَ تقديمي إِياك على من هم أقدم سابقة منك، ومن كان أعظمَ غِنًى عن الإِسلام وأهله منك. فكن من عمَّال الآخرة، وأرد بما تعمل وجه الله، وكن والداً لمن معك، ولا تكشفنَّ الناس عن أستارهم، واكتف بعلانيتهم، وكن مجدّاً في أمرك، واصدق اللقاء إِذا لقيت ولا تجبُن، وتَقدَّم في الغُلول وعاقب عليه، وإذا وعظت أصحابك فأوجز، وأصلح نفسك تصلح لك رعيتكم» . كذا في كنز العمال. وأخرجه أيضاً ابن عساكر بنحوه.
كتابه رضي الله عنه إِلى عمرو والوليد بن عقبة
وأخرج ابن جرير الطبري عن القاسم بن محمد قال: كتب أبو بكر إِلى عمرو وإِلى الوليد بن عقبة - رضي الله عنهما - وكان على النِّصف من صدقات قُضاعة، وقد كان أبو بكر شيَّعهما مَبْعَثهما على الصدقة، وأوصى كل واحد منهما بوصية واحدة فقال:
«إتَّق الله في السرِّ والعلانية، فإنه مَنْ يَتَّق الله يَجْعَلْ لهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ، وَمَنْ يَتَّقِ الله يُكفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أجْراً فإنَّ تقوى