إنِّي رسولُ رسولِ الله إليكم، أدعوكم إلى الإِسلام، وآمركم بحقن الدماء، وصِلَة الأرحام، عبادة الله وحده، ورفض الأصنام، وبحجِّ البيت، وصيام شهر رمضان - شهر من إثني عشر شهراً - فمن أجاب فله الجنَّة، ومن عصى فله النَّار. يا معشر جُهينة، إنَّ الله جعلكم خيار من أنتم منه، وبغَّض إليكم في جاهليكم ما حبِّب إلى غيركم من العرب، فإنهم كانوا يجمعون بين الأختين والغزاة في الشهر الحرام، ويخلُف الرجل على إمرأة أبيه، فأجيبوا هذا النبي المرسل من بني لؤي بن غالب تنالوا شرف الدنيا وكرامة الآخرة. فما جاءني إلا رجل منهم فقال: يا عمرو بن مرَّة، أمرَّ الله عيشَك، أتأمرنا برفض آلهتنا، وأن نفرِّق جمعنا، وأن نخالف دين آبائنا الشيم العلى إلى ما يدعونا إليه هذا القرشي من أهل تِهامة؟ لا حبّاً ولا كرامة. ثم أنشأ الخبيث يقول:
إنَّ ابن مرَّة قد أتى بمقالة
ليست مقالة من يريد صلاحاً
إنِّي لأحسب قولَه وفِعالَه
يوماً وإن طال الزمان ذُباحا
ليسفِّه الأشياخ ممن قد مضى
مَنْ رامَ ذلك لا أصاب فلاحا
فقال عمرو: الكاذب مني ومنك أمرَّ الله عيشه، وأبكم لسانه، وأكمه إنسانه، قال فوالله ما مات حتى سقط فوه، وعمي، وخرف، وكان لا يجد طعم الطَّعام.
[قدوم عمرو مع من أسلم من قومه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وكتابه لهم]
فخرج عمرو بمن أسلم من قومه حتى أتَوا النبي صلى الله عليه وسلم فحيَّاهم ورحبَّ بهم، وكتب لهم كتاباً هذه نسخته:
بسم الله الرحمن الرحيم. هذا كتاب من الله العزيز، على لسان رسوله، بحقَ صادق وكتاب ناطق مع عمرو بن مرة لجهينة بن زيد: إن لكم بطون