والمشركين عبدةِ الأوثان واليهود، وفي المجلس عبد الله بن رواحة رضي الله عنه، فلما غشيت المجلسَ عجاجةُ الدابة خَمَّر عبد الله بن أبي أنفه بردائه، قال: لا تغبِّروا علينا. فسلَّم النبي صلى الله عليه وسلم ووقف ونزل، فدعاهم إلى الله فقرأ عليهم القرآن، فقال له عبد الله بن أبيّ: يا أيها المرء إنَّه لا أحسنَ مما تقول، إن كان حقاً فلا تؤذِنا به في مجالسنا، وارجع إلى رَحْلك فمن جاءك فاقصُص عليه. قال ابن رواحة: بلى - يا رسول الله - فاغشَنا به في مجالسنا، فإنا نحب ذلك. فاستبَّ المسلمون والمشركون واليهود حتى كادوا يتثاورون، فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يخفَّضهم حتى سكتوا، فركب النبي صلى الله عليه وسلم دابته حتى دخل على سعد بن عبادة فقال له:«أيْ سعد، ألم تسمع ما قال أبو حُبَاب؟» - يريد عبد الله بن أبي، قال سعد: يا رسول الله اعفُ عنه واصفح، فلقد أعطاك الله ما أعطاك، ولقد اجتمع أهل هذه البُحَيرة على أن يتوِّجوه فيعصِّبوه، فلما رُدَّ ذلك بالحق الذي أعطاك الله شَرِقَ بذلك، فذلك الذي فعل به ما رأيت.
[(عيادته عليه السلام لأعرابي)]
وأخرج البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على أعرابي يعوده، قال: وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل على مريض يعوده قال له: «لا بأس، طَهور إن شاء الله تعالى» ، قال قلت: طهور؟ كلا، بل هي حمى تفور، أو - تثور - على شيخ كبير، تزيره القبور، فقال النبي:«فنعم إذاً» .