أخرج ابن جرير الطبري من طريق سيف عن محمد، وطلحة، وزياد بإسنادهم، قالوا: خطب سعد - أي يوم القادسية - فحمد الله وأثنى عليه وقال: إن الله هو الحق لا شريك له في الملك وليس لقوله خُلْف؛ قال الله جلّ ثناؤه:{وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِى الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذّكْرِ أَنَّ الاْرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِىَ الصَّالِحُونَ}(الأنبياء: ١٠٥) إِنَّ هذا ميراثُكم وموعودُ ربكم، وقد أباحها لكم منذ ثلاث حِجَج، فأنتم تطعَمون نها وتأكلون منها، وتقتلون أهلها وتَجْبونهم وتسبونهم إلى هذا اليوم بما نال منهم أصحاب الأيام منكم، وقد جاءكم منهم هذا الجمع، وأنتم وجوه العرب وأعيانهم وخيار كل قبيلة وعزّ مَنْ وراءكم، فإن تزهدوا في الدنيا وترغبوا في الآخرة جمع الله لكم الدنيا والآخرة ولا يقرِّبُ ذلك أحداً إِلى أجله، وإِن تفشلوا وتَهنوا وتضعفوا تذهبْ ريحكم وتوبقوا آخرتكم.
[خطبة عاصم بن عمرو يوم القادسية]
وقام عاصم بن عمرو رضي الله عنه فقال: إن هذه بلاد قد أحلَّ الله لكم أهلها، وأنتم تنالون منهم منذ ثلاث سنين ما لا ينالون منكم، وأنتم الأعلَون، والله معكم إن صبرتم وصدقتموهم الضرب والطعن، فلكم أموالهم ونساؤهم وأبناؤهم بلادهم، وإِن خرتم وفشِلتم - والله لكم من ذلك جار وحافظ - لم يبقِ هذا الجمع منكم باقية؛ مخافة أن تعودوا عليهم بعائدة هلاك؛ الله الله، أذكروا الأيام وما منحكم الله فيها، أوَ لا ترون أنَّ الأرض وراءكم بسابسُ قفار ليس فيها خَمْر ولا وَزَر يُعقل إليه ولا يُمتنع به؟ إجعلوا همَّكم الآخرة. انتهى.