أجرنا من أجرتِ، وآمنَّا من آمنتِ» . فرجعت إليهما فأخبرتهما فانصرفا إلى منازلهما. فقيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم الحارث بن هشام وعبد الله بن أبي ربيعة جالسان في ناديهما متنضِّلين في المِلاء المزعفرة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لا سبيل إليهما قد أمنَّاهما» . قال الحارث بن هشام: وجعلت أستحيي أن يراني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأذكر رؤيته إياي في كل موطن من المشركين، ثم أذكر برَّه ورحمته فألقاه وهو داخل المسجد فتلقَّاني بالبشر، ووقف حتى جئته فسلَّمت عليه وشهدت شهادة الحق. فقال:«الحمد لله الذي هداك، ما كان مثلك يجهل الإِسلام» . قال الحارث: فوالله ما رأيت مثل الإِسلام جُهِلَ.
[قصة إسلام النضير بن الحارث العبدري رضي الله عنه]
أخرج الواقدي عن إبراهيم بن محمد بن شُرحبيل العبدري عن أبيه قال: كان النُضير بن الحارث من أعلم الناس، وكان يقول: الحمد لله الذي أكرمنا بالإِسلام، ومنَّ علينا بمحمد صلى الله عليه وسلم لم نَمُتْ على ما مات عليه الآباء، لقد كنت أوضعُ مع قريش في كل وجهة، حتى كان عام الفتح وخرج إلى حنين، فخرجنا معه ونحن نريد إِن كانت دَبْرة على محمد أن نُعين عليه فلم يمكنّا ذلك. فلما صار بالجِعرَّانة فوالله إني لعلَى ما أنا عليه إنْ شعرتُ إلا برسول الله صلى الله عليه وسلم تلقَّاني بفرحة، فقال:«النضير؟» قلت: لبيك. قال:«هذا خيرٌ ممَّا أردت يوم حنين» قال: فأقبلت إليه سريعاً فقال: «قد آن لك أن تبصر ما أنت فيه» . فقلت: قد أرى فقال: «اللهم زده ثباتاً» قال: فوالذي بعثه بالحق لكان قلبي حجراً ثباتاً في الدين ونصرة في الحق. ثم رجعت إلى منزلي فلم أشعر إِلا برجل من بني الدُّؤَل يقول: يا أبا الحارث قد أمر لك رسول الله صلى الله عليه وسلم بمائة بعير، فأجِزْ لي منها فإنَّ عليَّ ديناً قال: فأردت أن لا آخذها وقلت: ما هذا منه إِلا تألُّف، ما أُريد أن أرتشي على الإِسلام، ثم قلت: والله ما طلبتها ولا سألتها،