بلادنا. فقال له المغيرة: إنا ليس طلبنا الدنيا وإِنما همنا وطلبنا الآخرة، وقد بعث الله إلينا رسولاً، قال له: إنِّي قد سلطت هذه الطائفة على من لم يَدنِ بديني، فأنا منتقم بهم منهم، وأجعل لهم الغلبة ما داموا مُقرِّين به، وهو دين الحق لا يرغب عنه أحد إلا ذلّ، ولا يعتصم به إلا عزّ. فقال له رُستم: فما هو؟ فقال: أما عموده الذي لا يصلح شيء منه إلا به فشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، والإِقرار بما جاء من عند الله.
فقال: ما أحسن هذا وأي شيء أيضاً؟ قال: وإخراج العباد من عبادة العباد إلى عبادة الله، قال: وحَسَنٌ أيضاً. وأي شيء أيضاً؟ قال: والناس بنو آدم فهم أخوة لأب وأم. قال: وحسن أيضاً. قال: ولما خرج المغيرة من عنده ذكرَ رستم رؤساء قومه في الإِسلام، فأنفوا ذلك وأبَوا أن يدخلوا فيه، قبَّحهم الله وأخزاهم وقد فعل.
دعوة رِبْعي بن عامر لرستم
قالوا: ثم بعث إليه سعد رضي الله عنه رسولاً آخر بطلبه وهو ربعي بن عامر، فدخل عليه وقد زيَّنوا مجلسه بالنَّمارق المذهَّبة، والزَّرابي الحرير، وأظهر اليواقيت واللآلىء الثمينة والزينة العظيمة، وعليه تاجه وغير ذلك من الأمتعة الثمينة، وقد جلس على سرير من ذهب. ودخل ربعي بثياب صفيقة وسيف وترس وفرس قصيرة، ولم يزل راكبَها حتى داس بها على طرف البساط، ثم نزل وربطها ببعض تلك الوسائد، وأقبل وعليه سلاحُه ودرعه وبيضتُه على رأسه. فقالوا له: ضع سلاحك فقال: إني لم آتِكم وإِنّم جئتكم حين دعوتموني، فإنما تركتموني هكذا وإِلا رجعت. فقال رستم: إئذنوا له، فأقبل يتوكأ على رمحه فوق النَّمارق فخرَّق عامتها، فقالوا له: ما جاء بكم؟ فقال: الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله، ومن ضِيق الدنيا إلى