حتى انتهى إلى بني عامر بن صَعْصَعة فلم يلق من أحد من الأذى قط ما لقي منهم، حتى خرج من عنده وإنَّهم ليرمونه من ورائه، حتى انتهى إلى بني مُحارب بن خَصَفَة، فوجد فيهم شيخاً ابن مائة سنة وعشرين سنة، فكلَّمه رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعاه إلى الإِسلام وأنْ يمنعه حتى يبلِّغ رسالة ربه، فقال الشيخ: أيُّها الرجل، قومك أعلم بنبأك، والله لا يؤوب بك رجل إلى أهله إلا آب بشرِّ ما يؤوب به أهل الموسم، فأغنِ عنا نفسك، وإنَّ أبا لهب لقائم يسمع كلام المحاربي. ثم وقف أبو لهب على المحاربي فقال: لو كان أهل الموسم كلُّهم مثلك لترك هذا الدِينَ الذي هو عليه، إنَّه صابيءٌ كذابٌ. قال المحاربي: أنت - والله - أعرف به، هو ابنَ أخيك ولحمتك ثم قال المحاربي: لعلَّ به - يا أبا عتبة - لَمَمَاً؟ فإنَّ معنا رجلاً من الحي يهتدي لعلاجه. فلم يرجع أبو لهب بشيء، غير أنه إذا رآه وقف على حيَ من أحياء العرب صاحبه أبو لهب إنَّه صابىء كذاب؛ وفي إسناده الواقدي.
[عرضه عليه السلام الدعوة على بني عبس]
وأخرج أبو نعيم (ص ١٠٢) أيضاً من طريق الواقدي عن عبد الله بن وابصة العبسي عن أبيه عن جده قال: جاءنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في منازلنا بمنى - ونحن نازلون بالجَمْرة الأولى التي تلي مسجد الخَيْف وهو على راحلته مُرْدِفاً خلفه زيد بن حارثة - فدعانا، فوالله ما استجبنا له ولا خير لنا، قال: وقد كنّا سمعنا به وبدعائه في الموسم، فوقف علينا يدعونا فلم نستجب له. وكان معنا مَيْسرة بن مسروق العبسي، فقال: أحلف بالله لو صدَّقنا هذا الرجل وحلمناه حتى نحُل به وسط رحالنا لكان الرأي، فأحلف بالله ليظهرنَّ أمره حتى يبلغ كلَّ مبلغ. فقال له القوم. دَعْنا عنك لا تعرِّضنا لما لا قِبَلَ لنا به، فطمع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مَيْسرة فكلَّمه. فقال مَيْسرة: ما أحسن كلامك وأنوره ولكنَّ قومي يخالفونني، وإنَّا