فلمَّا رآه قومه مقبلاً قالوا؛ نحلف بالله لقد رجع إليكم سعد بغير الوجه الذي ذهب به من عندكم. فلمَّا وقف عليهم قال: يا بني عبد الأشهل: كيف تعلمون أمري فيكم؟ قالوا: سيدنا وأفضلنا رأياً وأيمننا نقيبة. قال: فإنَّ كلام رجالكم ونسائكم عليَّ حرام حتى تؤمنوا بالله ورسوله، قال: فوالله ما أمسى في دار بني عبد الأشهل رجل ولا إمرأة إلا مسلماً أو مسلمة. ورجع أسعد ومصعب إلى منزل أسعد بن زُرارة فأقام عنده يدعو الناس إلى الإِسلام، حتى لم تبق دار من دور الأنصار إلا وفيها رجال ونساء مسلمون؛ إلا ما كان من دار بني أُمية بن زيد، وخَطْمة؛ ووائل، وواقف، وتلك أوس. كذا في البداية.
وأخرجه الطبراني أيضاً وأبو نُعَيم في دلائل النبوة عن عروة مطوَّلاً - فذكر عرضه صلى الله عليه وسلم الدعوة على الأنصار وإِيمانهم بذلك ما سيأتي في ابتداء أمر الأنصار؛ ثم ذكر دعوتهم قومهم سراً وطلبهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث مَن يدعو الناس؛ فبعث إليهم مُصعَباً كما تقدم في: - إِرساله صلى الله عليه وسلم الأفراد للدعوة إلى الله وإلى رسوله (ص ١١٦) - ثم قال: ثم إِنَّ سعد بن زُرارة أقبل هو ومصعب بن عمير حتى أتيا بئر مَرَق أو قريباً منها. فجلسوا هنالك وبعثوا إلى رَهْط من أهل الأرض فأتَوهم مستخفين، فبينما مصعب بن عمير يحدِّثهم ويقصُّ عليهم القرآن أُخبر بهم سعدُ بن معاذ، فأتاهم في لأمته ومعه الرمح حتى وقف عليه. فقال: علامَ يأتينا في دورنا بهذا الوحيد الفريد الطريح الغريب، يسفّه ضعفاءنا بالباطل