«والذي نفس محمد بيده، لا يقاتلهم اليوم رجل فيقتل صابراً محتسباً، مقبلاً غير مدبر؛ إلا أدخله الله الجنة» . قال عمير بن الحُمام رضي الله عنه - أخو بني سَلِمة وفي يده تمرات يأكلهنَّ -: بَخٍ، بَخٍ أفما بيني وبين أن أدخل الجنة إلا أن يقتلني هؤلاء؟ قال: ثم قذف التمرات من يده، وأخذ سيفه فقاتل القوم حتى قتل. وقد ذكر ابن جرير: أن عميراً قاتل وهو يقول:
رَكْضاً إلى الله بغير زادِ
إلا التُقى وعملِ المعادِ
والصبرِ في الله على الجهاد
وكلّ زادٍ عُرضةُ النفاد
غيرُ التقى والبرّ والرشادِ
كذا في البداية.
[قصة تبوك وما أنفق الصحابة في ذلك من والأموال]
وأخرح ابن عساكر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد خروجه من الطائف بستة أشهر، ثم أمره الله بغزوة تبوك، وهي التي ذكر الله في ساعة العسرة، وذلك في حرّ شديد، وقد كثر النفاق كثر أصحاب الصُّفَّة - والصُّفَّة بيت كان لأهل الفاقة يجتمعون فيه، فتأتيهم صدقة النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين. وإذا حضر غزو عمد المسلمون إليهم فاحتمل الرجلُ الرجلَ أو ما شاء الله بشبعه؛ فجهزوهم وغزَوا معهم واحتسبوا عليهم - فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين بالنفقة في سبيل الله والحِسبة؛ فأنفقوا إحتساباً. وأنفق رجال غير محتسبين، وحُمل رجال من فقراء المسلمين وبقي أُناس، وأفضل ما تصدّق به يومئذٍ أُحد عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه. تصدّق بمائتين أوقية، وتصدّق عمر بن الخطاب رضي الله عنه بمائة أوقية، وتصدقّ عامر الأنصاري رضي الله عنه بتسعين وَسْقاً من تمر. وقال عمر بن الخطاب: يا رسول الله، إني لا أرى عبد الرحمن إلا قد احْتَوَب ما ترك لأهله شيئاً. فسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم «هل