تذكرين ما كان يلقَى رسول الله صلى الله عليه وسلم من شدّة العيش، فما زال يذكِّرها حتى أبكاها، فقال لها: والله إن قلتِ ذلك أما والله لئن استطعت لأشاركنَّهما بمثل عيشهما الشديد، لعلي أدرك معهما عيشهما الرخّي. وأخرجه ابن سعد عن مصعب بن سعد بنحوه. وقد تقدَّمت الروايات المطوَّلة والمجملة في ذلك في زهد عمر رضي الله عنه.
[قصة عمر حينما أتى بقميص جديد]
وأخرج هنَّاد عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: بينما عمر بن الخطاب رضي الله عنه في أصحابه إذا بقميص كرابيس، فلبسه فما جاوز تراقيه، حتى قال: الحمد الله الذي كساني ما أواري به عورتي، وأتجمَّل به في حياتي. ثم أقبل على القوم فقال: هل تدرون لم قلتُ هؤلاء الكلمات؟ قالوا: لا، إلا أن تخبرنا، قال: فإنِّي شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم وأُتيَ بثياب له جدد فلبسها، ثم قال:«الحمد لله الذي كساني ما أمواي به عورتي وأتجمَّل به في حياتي» ثم قال: «والذي بعثني بالحق ما من عبد مسلم كساه الله ثياباً جدداً، فعمد إلى سَمَل من أخلاق ثيابه، فكساه عبداً مسلماً مسكيناً، لا يكسوه، إلا لله، كان في حِرز الله وفي جوار الله وفي ضمان الله ما كان عليه منها سِلْك حياً وميتاً» . قال: ثم مدَّ قميصه فأبصر فيه فضلاً عن أصابعه فقال لعبد الله: أي بني هاتِ الشفرة، فقام فجاء بها فمدَّ كُمَّ قميصه على يده فنظر ما فَضَل