ثم خرج أبو بكر حتى أتاهم فأشجعهم وشيّعهم، وهو ماش وأسامة راكب، وعبدا لرحمن بن عوف يقود دابة أبي بكر رضي الله عنهم، فقال له أسامة: يا خليفة رسول الله، لتركبنّ أو لأنزلنّ، فقال: والله لا تنزل، ووالله لا أركب؛ وما عليّ أن أغبِّر قدميَّ ساعة في سبيل الله، فإنَّ للغازي بكل خطوة يخطوها سبع مائة حسنة تكتب له، وسبع مائة درجة ترفع له، وتُمحى عنه سبع مائة خطيئة حتى إذا انتهى. قال له: إنْ رأيت أن تعينني بعمر بن الخطاب فافعل، فأذن له. كذا في مختصر ابن عساكر، وكنز العمال. وذكره في البداية عن سَيْف عن الحسن مختصراً.
إنكار أبي بكر على المهاجرين والأنصار إذ كلموه في إمساك جيش أسامة
وأخرج ابن عساكر أيضاً عن عروة قال: لما فرغوا من البَيْعة واطمأن الناس، قال أبو بكر لأسامة: (إمضِ لوجهك الذي بعثك له رسول الله صلى الله عليه وسلم. فكلَّمه رجال من المهاجرين والأنصار وقالوا: أمسك أسامة وبَعْثه، فإنَّ نخشى أن تميل علينا العرب إِذا سمعوا بوفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبو بكر - وكان أحزمَهم أمراً -: أنا أحبس جيشاً بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد اجترأت على أمر عظيم والذي نفسي بيده، لأن تميل عليّ العرب أحبُّ إليَّ من أن أحبس جيشاً بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إمضِ يا أسامة في جيشك للوجه الذي أمرت به، ثم أغزُ حيث أمرك رسول الله صلى الله عليه وسلم من ناحية فلسطين، وعلى أهل مؤتة، فإنَّ الله سيكفي ما تركت، ولكن إنْ رأيتَ أن تأذن لعمر بن الخطاب فأستشيره وأستعين به، فإنه ذو رأي ومناصح للإِسلام، فافعل، ففعل أُسامة. ورجع عامة العرب عن دينهم، وعامة أهل المشرق وغَطَفان وبنو أسد، وعامة أشْجَع،