وقال عامة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أمسك أُسامة وجيشه، ووجّهْهم إلى من ارتد عن الإِسلام من غَطَفان وسائر العرب. فأبى أبو بكر أن يحبس أسامة وجيشه، وقال: إنكم قد علمتم أنه قد كان من عَهْد رسول الله صلى الله عليه وسلم إليكم في المشورة، فيما لم يمضِ من نبيكم فيه سنة، ولم ينزل عليكم به كتاب، وقد أشرتم وسأشير عليكم فانظروا أرشدَ ذلك فأتمروا به، فإن الله لن يجمعكم على ضلالة؛ والذي نفسي بيده، ما أرى من أمر أفضل في نفسي من جهاد مَنْ منع منا عِقالاً كان يأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم فانقاد المسلمون لرأي أبي بكر، ورأوا أنَّه أفضل من رأيهم. فبعث أبو بكر حينئذٍ أسامة بن زيد لوجهه الذي أمره به رسول الله صلى الله عليه وسلم فأصيب في الغزو مصيبة عظيمة، وسلَّمه الله وغنَّمه هو وجيشه وردّهم صالحين. وخرج أبو بكر رضي الله عنه في المهاجرين والأنصار حين خرج أسامة، وهربت الأعراب بذراريهم. فلما بلغ المسلمين هربُ الأعراب بذراريهم، كلّموا أبا بكر وقالوا: إرجع إلى المدينة وإلى الذراري والنساء، وأمِّرْ رجلاً من أصحابك على الجيش وعهد إليه بأمرك، فلم يزل المسلمون بأبي بكر حتى رجع، وأمّر خالد بن الوليد رضي الله عنه على الجيش، فقال له: إذا أسلموا وأعطَوا الصدقة؛ فمن شاء منكم أن يرجع فليرجع؛ ورجع أبو بكر إلى المدينة. كذا في مختصر ابن عساكر. وذكره في الكنز.
وقد ذكره في البداية عن سيف بن عمر عن هشام بن عروة عن أبيه رضي الله عنهما، قال: لما بويع أبو بكر وجمع الأنصار في الأمر الذي افترقوا فيه وقال: ليتمّ بعث