وأخرج ابن إسحاق أيضاً عن القاسم قال: لقيه - يعني أبا بكر الصديق رضي الله عنه حين خرج من جوار ابن الدُّغُنَّة - سفيهٌ من سفهاء قريش وهو عامد إلى الكعبة، فحثا على رأسه تراباً، فمر بأبي بكر الوليد بن المغيرة - أو العاص بن وائل - فقال له أبو بكر رضي الله عنه: ألا ترى ما يصنع هذا السفيه؟ فقال: أنت فعلت ذلك بنفسك. وهو يقول: أي رب ما أحلمك؟ أي رب ما أحلمك؟ أي رب ما أحلمك كذا في البداية.
وقد تقدم في حديث أسماء رضي الله عنها (ص ٢٦٨) عند أبي يَعْلى وغيره قالت: فأتى الصريخ إِلى أبي بكر، فقالوا: أدرك صاحبك. فخرج من عندنا وإِن له لغدائرَ أربع؛ وهو يقول: ويلكم «أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم؟» فَلَهوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقبلوا على أبي بكر. قالت: فرجع إِلينا أبو بكر فجعل لا يمسُّ شيئاً من غدائره إلا جاء معه وهو يقول: تباركت يا ذا الجلال والإِكرام.
[تحمل عمر بن الخطاب رضي الله عنه الشدائد]
أخرج ابن إسحاق عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: لمّا أسلم عمر رضي الله عنه قال: أيُّ قريش أنقل للحديث؟ فقيل له جميل بن معمر الجمحي، فغدا عليه - قال عبد الله: وغدوت أتبع أثره وأنظر ما يفعل وأنا غلام أعقل كلَّ ما رأيت - حتى جاءه، فقال له: أعلمت يا جميل أني أسلمت ودخلت في دين محمد صلى الله عليه وسلم قال: فوالله، ما راجعه حتى قام يجر رداءه واتَّبعه عمر واتبعته أنا، حتى قام على باب المسجد صرخ بأعلى صوته: يا معشر