من الآيات؛ فاستتِمُّوا بوعد الله إِيَّاكم، وأطيعوه فيما فرض عليكم وإِن عظمت فيه المؤونة، واستبدت الرزيّة، وبعدت المشقة، وفُجعتم في ذلك بالأموال والأنفس، فإن ذلك يسير في عظيم ثواب الله. فاغزوا - رحمكم الله - في سبيل الله {خِفَافًا وَثِقَالاً وَجَاهِدُواْ بِأَمْوالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ}(التوبة: ٤١) - كتب الآية - ألا وقد أمرت خالد بن الوليد بالمسير إِلى العراق؛ فلا يبرحها حتى يأتيه أمري، فسيروا معه ولا تتثاقلوا عنه؛ فإنه سبيل يعظِّم الله فيه الأجر لمن حسنت فيه نيته، وعظمت في الخير رغبته. فإذا وقعتم العراق فكونوا بها حتى يأتيكم أمري. كفانا الله وإِياكم مهمات الدنيا والآخرة. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته» - انتهى.
[مشاورة أبي بكر أكابر الصحابة في غزو الروم وخطبته في ذلك]
أخرج ابن عساكر عن الزُّهري عن عبد الله بن أبي أوفَى الخُزاعي رضي الله عنه أنه قال: لما أراد أبو بكر رضي الله عنه غزو الروم دعا عليّاً، وعمر، وعثمان، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وسعيد بن زيد، وأبا عبيدة بن الجراح، ووجوه المهاجرين، والأنصار من أهل بدر وغيرهم، فدخلوا عليه - قال عبد الله بن أبي أوفى: وأنا فيهم -. فقال أبو بكر رضي الله عنه: إنَّ الله عزّ وجلّ لا تُحصى نعماؤه، لا تبلغ جزاءَها الأعمالُ، فله الحمد؛ قد جمع الله كلمتكم، وأصلح ذات بينكم، وهداكم إلى الإِسلام، ونفَى عنكم الشيطان، فليس يطمع أن تُشركوا به، ولا تتخذوا إلهاً غيره؛ فالعرب اليوم بنو أم وأب. وقد رأيت أن أستنفر المسلمين إِلى جهاد الروم بالشام ليؤيّد الله المسلمين، ويجعل الله كلمته العليا، مع أن للمسلمين في ذلك الحظ الأوفر، لأنه من هلك منهم هلك شهيداً، وما عند الله خير للأبرار؛ ومن عاش عاش مدافعاً عن الدين مستوجباً على الله ثواب المجاهدين. وهذا رأيي الذي رأيته، فلْيُشِر امرؤ عليّ برأيه.