[خطبة عمر ومتابعته في إمضاء رأي أبي بكر في الجهاد]
فقام عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقال: الحمد لله الذي يخصّ بالخير من شاء من خلقه، والله ما استبقنا إلى شيء من الخير قط إِلا سبقتنا إليه؛ وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم. قد - والله - أردتُ لقاءك بهذا الرأي الذي رأيتَ فيما قُضي أن يكون حتى ذكرتَه، فقد أصبتَ - أصاب الله بك سبيل الرشاد - سرِّبْ إليهم الخيل في إثر الخيل، وابعث الرجال بعد الرجال والجنود تتبعها الجنود؛ فإنَّ الله ناصرٌ دينَه ومعزٌ الإِسلامَ وأهله.
رأي عبد الرحمن بن عوف في نوعية الجهاد بالنظر إلى نوعية الروم
ثم إن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قام فقال: يا خليفة رسول الله، إِنَّها الروم وبنو الأصفر حدٌّ حديد وركن شديد، ما أرى أن نقتحم عليهم إقتحاماً، ولكن نبعث الخيل فتُغير في قواصي أرضهم ثم ترجع إِليك، وإِذا فعلوا ذلك بهم مراراً أضرُّوا بهم، وغنموا من أداني أرضهم فقعدوا بذلك عن عدوهم؛ ثم تبعث إلى أراضي اليمن وأقاصي ربيعة ومضر، ثم تجمعهم جميعاً إِليك. ثم إن شئت بعد ذلك غزوتهم بنفسك وإن شئت أغزيتهم، ثم سكت وسكت الناس.
رأي ثمان في إمضاء ما رآه أبو بكر وموافقة بقية الصحابة رأي عثمان
ثم قال لهم أبو بكر: ما ترون؟ فقال عثمان بن عفان رضي الله عنه: إني أرى أنك ناصح لأهل هذا الدين، شفيق عليهم، فإذا رأيت رأياً تراه لعامتهم صلاحاً، فاعزم على إمضائه فإنك غيرُ ظَنين. فقال طلحة، والزبير،