للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكنني أَسأل الرحمن مغفرة

وضَرْبةً ذات فَرْغٍ تقذف الزَّبدا

أو طعنةً بيدَيْ حرّان مُجْهِزة

بحربة تُنْفِذ الأحشاء والكبدا

حتى يقال إذا مرُّوا على جَدَثي

أرشَدَه الله من غازٍ وقد رَشَدا

ثم إنَّ القوم تهيأوا للخروج، فأتى عبد الله بن رواحة رضي الله عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فودّعه، ثم قال:

فثبّت الله ما أتاك حَسَن

تَثْبيتَ موسى ونصراً كالذي نُصرا

إنّي تفرستُ فيك الخير نافلةً

الله يعلم أني ثابت البصر

أنت الرسول فمن يُحرم نوافلَه

والوجهَ منه فقد أزرى به القدر

ثم خرج القوم، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يشيّعهم حتى إذا ودَّعهم وانصرف. قال عبد الله بن رواحة رضي الله عنه:

خَلَف السَّلامُ على امرىء ودْعتُهُ

في النَّخل خيرَ مُشَيِّع وخليل

[تشجيع ابن رواحة الناس على الشهادة]

ثم مضَوا حتى نزلوا «معاناً» من أرض الشام، فبلغ الناس أن هِرَقْل قد نزل مآب من أرض البلقاء في مائة ألف من الروم، وانضم إليه من لَخْم وجُذام والقَيْن وبَهْراء وَبَليّ مائة ألف منهم، عليهم رجل من بَليّ، ثم أحد إراشة يقال له مالك بن زافلة. فلما بلغ ذلك المسلمين أقاموا على «مَعان» ليلتين ينظرون في أمرهم؛ وقالوا: نكتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فنخبره بعدد عدونا، فإما أن يمُدَّنا بالرجال، وإما أن يأمرنا بأمره فنمضي له. فشجع الناسَ عبد الله بن رواحة رضي الله عنه وقال: يا قوم، - والله - إنَّ التي تكرهون لَلَّتي خرجتم تطلبون: الشهادة.

<<  <  ج: ص:  >  >>