رأوه حليقاً قالوا: عُمَّار ليس عليكم منهم بأس، وائتمر القوم بهم - يعني أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ في آخر يوم من رجب. فقالوا: لئن قتلتموهم إنكم لتقتلونهم في الشهر الحرام، ولئن تركتموهم ليدخلنَّ في هذه الليلة الحرم فليمتنعنَّ منكم، فأجمع القوم على قتلهم، فرمى واقد بن عبد الله التميمي عمرو بن الحضرمي. بسهم فقتله، واستأسر عثمان بن عبد الله والحكم بن كيسان، وهرب المغيرة وأعجزهم، واستاقوا العير فقدموا بها على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لهم:«والله ما أمرتكم بالقتال في الشهر الحرام» فأوقف رسول الله صلى الله عليه وسلم الأسيرين والعير فلم يأخذ منها شيئاً.
فلما قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال أسقط في أيديهم وظنوا أن قد هلكوا، وعنَّفهم إخوانهم من المسلمين، وقالت قريش حين بلغهم أمر هؤلاء: قد سفك محمد الدم في الشهرا الحرام، وأخذ فيه المال، وأسر فيه الرجال، واستحل الشهر الحرام فأنزل الله في ذلك:{يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ}{قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ}{وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ}{وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ}{أَكْبَرُ عِندَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ}(سورة البقرة، الآية: ٢١٧) يقول: الكفر بالله أكبر من القتل. فلما نزلت ذلك أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم العير وفدَى الأسيرين، فقال المسلمون: أتطمع لنا أن تكون غزوة؟ فأنزل الله فيهم:{إِنَّ الَّذِينَ ءامَنُواْ وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ} -إلى قوله:{أُوْلئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللَّهِ}(سورة البقرة، الآية: ٢١٨) - إلى آخر الآية، وكانوا ثمانية وأميرهم التاسع عبد الله بن جحش رضي الله عن. وأخرج أبو نُعيم