من قريش تجّاراً فسألاهم عنه. فقالوا: هو بيثرب واستبشروا. فقالوا: قد نَصب له كسرى. كُفيتم الرجل فخرجا حتى قدما المدينة، فكلّمه أبانوه، فقال: إنَّ كسرى كتب إلى باذان أن يبعث إليك من يأتيه بك، وقد بعثني لتنطلق معي. فقال:«إرجعا حتى تأتياني غداً» ، فلما غدَوا عليه أخبرهما رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن الله قتل كسرى وسلّط عليه ابنه «شيرَوَيْه» في ليلة كذا من شهر كذا. فقالا: أتدري ما تقول؟ أنكتب بهذا إلى باذان؟ قال:«نعم» . وقولا له:«إن أسلمتَ أعطيتُك ما تحت يديك» ثم أعطى «جد جميرة» مِنْطَقة كانت أُهديت له فيها ذهب وفضة. فقدما على باذان فأخبراه. فقال: ما هذا بكلام ملك ولننظرن ما قال. فلم يلبث أن قدم عليه كتاب (شيرَوَيْه) : أما بعد: فإنِّي قتلت كسرى غضباً لفارس لما كان يستحلُّ من قتل أشرافها؛ فخُذْ لي الطاعة ممن قِبَلك ولا تُهَجِّنِ الرجل الذي كتب لك كسرى بسببه بشيء، فلما قرأه قال: إن هذا الرجل لنبي مرسل، فأسلم وأسلمت الأبناء من آل فارس من كان منهم باليمن جميعاً. وهكذا حكاه أبو نعيم الأصبهاني في الدلائل عن ابن إِسحاق بلا إسناد، لكن سماه خرخسرة ووافق على تسمية رفيقه أبانوه. كذا في الإِصابة.
وأخرجه أيضاً ابن أبي الدنيا في دلائل النبوة عن ابن إسحاق قال: بعث النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن حُذافة رضي الله عنه إلى كسرى بكتابه يدعوه إلى الإِسلام. فلما قرأه شقَّق كتابه ثم كتب إلى عامله على اليمن باذان - فذكر بمعناه - وفيه: ثم قدما المدينة فكلَّمه بابويه: إن شاهنشاه كسرى كتب إلى الملك باذان يأمره أن يبعث إليه من يأتيه بك. فإن أجبتَ كتبتُ معك ما ينفعك عنده، وإِن أبيتَ فإنه مهلكك ومهلك قومك ومخرِّب بلادك. فقال لهما: إرجعا