وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، أما بعد: فقد أجبت إلى ما دعا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وزوَّجته أم حبيبة بنت أبي سفيان، فبرك الله لرسول الله، ودفع النجاشي الدنانير إلى خالد بن سعيد فقبضها، ثم أرادوا أن يقوموا فقال: اجلسوا فإنَّ من سنة الأنبياء إذا تزوجوا أن يُؤكل طعام على التزويج، فدعا بطعام فأكلوا ثم تفرقوا. كذا في البداية.
وأخرجه الحاكم عن إسماعيل بن عمرو بن سعيد بن العاص قال: قالت أم حبيبة: رأيت في المنام كأن عبيد الله بن جحش زوجي بأسوا صورة وأشوهه، ففزعت فقلت: تغيّرت - والله - حاله، فإذا هو يقول حين أصبح: يا أمَّ حبيبة، إني نظرت في الدين فلم أر ديناً خيراً من النصرانية، وكنت قد دِنْتُ بها، ثم دخلت في دين محمد، ثم رجعت إلى النصرانية، فقلت: والله ما خير لك وأخبرته بالرؤيا التي رأيت له فلم يحفل بها، وأكبَّ عل الخمر حتى مات، فأرى في النوم كأن آتياً يقول لي: يا أمَّ المؤمنين، ففزعت وأوَّلتها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يتزوجني، قال: فما هو إلاَّ أن انقضت عِدَّتي، فما شعرت إلا برسول النجاشي - فذكر الحديث نحوه، وزاد في آخره بعد قوله: فأكلوا ثم تفرقوا، قالت أم حبيبة: فلما وصل إليَّ المال أرسلت أبرهة التي بشَّرتني فقلت لها: إني أعطيتك ما أعطيتك يومئذ ولا مال بيدي وهذه خمسون مثقالاً فخذيها فاستعيني بها، فأخرجت إليَّ حُقَّة فيها جميع ما أعطيتها فردّته إليَّ وقالت: عزم عليَّ الملك أن لا أرزأك شيئاً وأنا التي أقوم على ثيابه ودُهنه، وقد اتّبعتُ دين رسول الله صلى الله عليه وسلم وأسلمت لله، وقد أمر الملك نساءه أن يبعثن بكل ما عندهن من العطر. فلما كان الغد جاءتني بعُود ووَرْس وعنبر