لا يكون متاعي من الدنيا إلا كزادِ الراكب. ورأى خدماً فقال: لمن هذا الخدم؟ فقالوا: خدمك وخدم امرأتك، فقال: ما بهذا أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم أن لا أمسك إلا ما أنكح أو أُنكْح، فإن فعلت فبغين كان عليَّ أوزارهن من غير أن ينتقص من أوزارهنَّ شيء، ثم قال للنسوة اللاتي عند امرأته: هل أنتن مخرجات عني مخلِّيات بيني وبين امرأتي؟ قلن: نعم، فخرجن فذهب إلى الباب حتى أجافه، وأرخى الستر، ثم جاء حتى جلس عند امرأته فمسح بناصيتها ودعا بالبركة، فقال لها: هل أنت مطيعتي في شيء آمرك به؟ قالت: جلست مجلس من يُطاع، قال: فإن خليلي صلى الله عليه وسلم أوصاني إذا اجتمعت إلى أهلي أن أجتمع على طاعة الله عز وجل، فقام وقامت إلى المسجد، فصلَّيا ما بدا لهما، ثم خرجا فقضى منها ما يقضي الرجل من امرأته، فلما أصبح غدا عليه أصحابه فقالوا: كيف وجدت أهلك؟ فأعرض عنهم، ثم أعادوا فأعرض عنهم، ثم أعادوا فأعرض عنهم، ثم قال: إنما جعل الله تعالى الستور والخدور والأبواب لتواري ما فيها. حسب امرىء منكم أن يسأل عما ظهر له، فأمَّا ما غاب
عنه فلا يسألن عن ذلك. سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «المتحدِّث عن ذلك كالحمارين يتسافدان في الطريق. وعنده أيضاً عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قدم سلمان من غيبة له فتلقّاه عمر رضي الله عنه فقال: أرضاك الله تعالى عبداً، قال: فزوِّجني، قال: فسكت عنه، فقال: أترضاني الله عبداً ولا ترضاني لنفسك؟ فلما أصبح أتاه قوم عمر فقال: حاجة؟ قالوا: نعم، قال: وما هي؟ إذاً تُقضى، قالوا: تُضرب عن هذا الأمر - يعنون خطبته إلى عمر -، فقال: أما - والله - ما حملني على هذا إمرته ولا سلطانة، ولكن قلت: رجل صالح عسى الله أن يخرج مني