الليل وأتَوا بهم خائفين القتل. فقام عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى أبي سفيان فوجأ في عنقه، والتزمه القوم وخرجوا به ليدخلوه على رسول الله صلى الله عليه وسلم فخاف القتل - وكان العباس بن عبد المطَّلب رضي الله عنه خالصة له في الجاهلية - فصاح بأعلى صوته: ألا تأمروا لي إلى عباس؟ فأتاه عباس فدفع عنه، وسأل
رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقبضه إليه ومشى في القوم مكانه. فركب به عباس تحت الليل فسار به في عسكر القوم حتى أبصروه أجمع، وقد كان عمر قد قال لأبي سفيان حين وجأ عنقه: والله لا تدنو من رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تموت. فاستغاث بعباس فقال: إني مقتول، فمنعه من الناس أن ينتهبوه. فلما رأى كثرة الناس وطاعتهم قال: لم أرَ كالليلة جمعاً لقوم. فخلَّصه العباس من أيديهم وقال: إِنك مقتول إِن لم تسلم وتشهد أن محمداً رسول الله. فجعل يريد يقول الذي يأمره العباس فلا ينطلق لسانه فبات مع عباس. وأما حَكيم بن حِزَام وبُدَيل بن ورقاء فدخلا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلما وجعل يستخبرهما عن أهل مكة. فلما نُودي بالصلاة صلاة الصبح تحيَّن القوم، ففزع أبو سفيان فقال: يا عباس، ماذا تريدون؟ قال: هم المسلمون يتيسرون بحضور رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج بن عباس. فلما أبصرهم أبو سفيان قال: يا عباس، أما يأمرهم بشيء إلا فعلوه؟ فقال عباس: لو نهاهم عن الطعام والشراب لأطاعوه. قال عباس: فكلِّمه في قومك هل عنده من عفو عنه. فأتى العباس بأبي سفيان حتى أدخله على النبي صلى الله عليه وسلم فقال عباس: يا رسول الله، هذا أبو سفيان، فقال أبو سفيان: يا محمد، إني قد استنصرت إلهي واستنصرت إلهك، فوالله ما رأيتك إلا قد ظهرت عليّ فلو كان إلهي محقّاً وإِلهك مبطلاً لظهرتُ عليك فشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله فقال عباس: