وقال ابن كثير في البداية: وذكر عروة أن أبا سفيان لما أصبح صبيحة تلك الليلة التي كانت عند العباس، ورأى الناس يجنحون للصلاة وينتشرون في استعمال الطهارة؛ خاف وقال للعباس: ما بالهم؟ قال: إنَّهم سمعوا النداء فهم ينتشرون للصلاة، فلما حضرت الصلاة ورآهم يركعون بركوعه ويسجدون بسجوده قال: يا عباس ما يأمرهم بشيء إلاَّ فعلوه؟ قال: نعم، والله لو أمرهم بترك الطعام والشراب لأطاعوه. انتهى.
صلاة المسلمين خلف أبي بكر بأمر النبي عليه السلام
وقد تقدّم في رغبة النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة في حديث عائشة رضي الله عنها عند أحمد وغيره: فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر رضي الله عنه بأن يصلِّي بالناس، وكان أبو بكر رجلاً رقيقاً، فقال: يا عمر صلِّ بالناس، فقال: أنت أحق بذلك، فصلَّى بهم تلك الأيام؛ وفي حيثها عند البخاري: فقال: «مُروا أبا بكر فليصلِّ بالناس» فقيل له: إن أبا بكر رجل أسيف، إذا قام مقامك لم يستطع أن يصلِّي بالناس، وأعاد فأعادوا له فأعاد الثالثة فقال:«إنكن صواحب يوسف، مروا أبا بكر فليصلِّ بالناس» .
وأخرج أحمد عن عبد الله بن زَمْعة رضي الله عنه قال: لما استُعزّ برسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا عنده في نفر من المسلمين دعا بلالٌ رضي الله عنه للصلاة، فقال:«مروا من يصلِّي بالناس» قال: فخرجت فإذا عمر رضي الله عنه في الناس، وكان أبو بكر رضي الله عنه غائباً، فقلت: قم يا عمر فصلِّ بالناس، قال: فقام فلما كبَّر عمر سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم صوته - وكان عمر رجلاً مُجْهِراً - فقال رسول الله: «فأين أبو بكر؟ يأبى الله ذلك والمسلمون يأبى الله ذلك