ولا خُلُقَه. يتفقَّد أَصحابه، ويسأَل الناس عمَّا في الناس، ويحسِّن الحسن ويقوِّيه، ويقبِّح القبيح ويُوَهِّيه. معتدل الأمر غير مختلف. لا يغفل مخافة أن يغفلوا أو يميلوا. لكلِّ حال عنده عتاد. ولا يقصِّر عن الحق ولا يحوزه. الذين يلونه من الناس خيارهم، أَفضلهم عنده أعمهم نصيحة، وأَعظمهم عنده منزلة أحسنهم مواساة وموازرة.
قال: فسأَلته عن مجلسه كيف كان؟ فقال:«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يجلس ولا يقوم إلا على ذكر ولا يُوطن الأَماكن وينهى عن إِيطانها. وإِذا انتهى إلى قوم جلس حيث ينتهي به المجلس ويأمر بذلك. يعطي كل جلسائه نصيبه، لا يحسب جليسه أَنَّ أحداً أكرم عليه منه، من جالسه أَو قومه في حاجة صابره حتى يكون هو المنصرف عنه، ومن سأَله حاجة لم يردّه إِلا بها أو بميسور من القول. قد وسع الناسَ منه بَسطُه وخلقُه فسار لهم أباً وصاروا عنده في الحق سوء، مجلسُهُ مجلسُ حلم وحياءٍ وصبر وأمانة، لا تُرفع فيه الأصوات، ولا تُؤْبن فيه الحرم، ولا تُنثَى فلتاته. متعادلين يتفاضلون فيه بالتقوى، متواضعين يوقِّرون فيه الكبير ويرحمون فيه الصغير، ويؤثرون ذا الحاجة، ويحفظون الغريب» .
قال: فسأَلته عن سيرته في جلسائه فقال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم دائم