لا طاقة لهم بحرب من حولهم من العرب وقد بايعوا وأسلموا، ثم أجمعوا على أن يرسلوا رجلاً منهم، فأرسلوا عبد يا ليل بن عمرو ومعه إثنان من الأحلاف وثلاثة من بني مالك. فلما دنَوا من المدينة ونزلوا قناة ألفَوا المغيرة بن شعبة يرعى في نَوْبته ركاب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلمَّا رآهم ذهب يشتدُّ ليبشِّر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقدومهم، فلقيه أبو بكر الصدّيق رضي الله عنه، فأخبره عن ركب ثقيف أن قدموا يريدون البَيْعة والإِسلام إن شرط لهم رسول الله شروطاً، ويكتبوا كتاباً إلى قومهم. فقال أبو بكر للمغيرة: أقسمتُ عليك لا تسبقني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أكون أنا أحدّثه، ففعل المغيرة، فدخل أبو بكر فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقدومه. ثم خرج المغيرة إلى أصحابه فروَّح الظَّهر معه، وعلمهم كيف يُحيُّون رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يفعلوا إلا بتحية الجاهلية. ولمَّا قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ضربت عليه قُبة في المسجد، وكان خالد بن سعيد بن العاص هو الذي يمشي بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان إِذا جاءهم بطعام من عنده لم يأكلوا منه حتى يأكل خالد بن سعيد قبلهم، وهو الذي كتب لهم كتابه. قال: وكان ممّا اشترطوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدع لهم الطاغية ثلاث سنين. فما برحوا يسألونه سنة سنة ويأبى عليه، حتى سألوه شهراً واحداً بعد مقدمهم ليتألَّفوا سفهاءه، فأبى عليهم أن يدعها شيئاً مسمَّى؛ إلا أن يبعث معهم أبا سفيان بن حرب والمغيرة بن شعبة ليهدماها، وسأله مع ذلك أن لا يصلُّوا وأن لا يكسروا أصنامهم بأيديهم. فقال:«أما كسر أصنامكم بأيديكم فسنُعفيكم، وأما الصلاة فلا خير في دين لا صلاة فيه» . فقالوا: سنؤتيكها وإن كانت دناءة.
وقد أخرج أحمد عن عثمان بن أبي العاص أن وفد ثقيف قدموا على