المَنعَة، وقد أعلمنا أنا مفتتحوكم، وأوصانا بكم حفظاً لرَحِمنا فيكم، لأإن لكم إِن أجبتمونا بذلك ذِمةً إلى ذمة. ومما عهد إلينا أميرنا: إستوصوا بالقبطيين خيراً، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أوصنا بالقطيين خيراً، لأن لهم رَحِماً وذمة. فقالوا: قرابة بعيدة لا يَصِلُ مثلَها إلا الأنبياء، معروفة شريفة كانت إبنةَ ملكنا وكانت من أهل مَنْف والملك فيهم؛ فأُديل عليهم أهل عين شمس فقتلوهم وسلبوا ملكهم واغتربوا؛ فلذلك صارت إلى إبراهيم عليه السلام، مرحباً به وأهلاً، آمِنَّا حتى نرجع إليك. فقال عمرو: إنَّ مثلي لا يُخدع ولكني أؤجلكما ثلاثاً لتنظرا ولتُناظِرا قومكما، وإلا ناجزتكم. قالا: زِدْنا. فزادهم يوماً. فقالا: زِدْنا فزادهم يوماً. فرجعا إلى المقوقِس فهمَّ، فأبى أرطبون أن يجيبهما وأمر بمناهدتهم،
فقالا
لأهل مصر: أمَّ نحن فسنجهد أن ندفع عنكم ولا نرجع إليه، وقد بقيت أربعة أيام فلا تصابون فيها بشيء إلا رجَونا أن يكون له أمان. فلم يفجأ عَمْراً والزبير إلا البياتُ من فَرقَبْ، وعمرو على عُدَّة، فلقوه فقتل ومن معه ثم ركبوا أكساءهم، وقصد عمرو، والزبير رضي الله عنهما لعين شمس.
وأخرج الطبري أيضاً عن أبي حارثة، وأبي عثمان قالا: لمَّا نزل عمرو رضي الله عنه على القوم بعين شمس قال أهل مصر لملكهم: ما تريد إلى قوم فَلُّوا كسرى وقيصر وغلبوهم على بلادهم؟ صالحِ القوم واعتقد منهم، ولا تعرض لهم ولا تعرِّضنا لهم، وذلك في اليوم الرابع، فأبى وناهدوهم، فقاتلوهم وارتقى الزبير سورها، فلما أحسُّوه فتحوا الباب لعمرو رضي الله عنه وخرجوا إليه مصالحين. فقبل منهم ونزل عليهم الزبير رضي الله عنه عَنْوة.