عندها إذ نزعتموها من صاحبنا. قالت: فتجاذبا بني سَلَمة بينهم حتى خلعوا يده، وانطلق به بنو عبد الأسد وحبسني بنو المغيرة عندهم، وانطلق زوج أبو سلمة إلى المدينة؛ قالت: ففُرّق بيني وبين إبني وبين زوجي. قالت: فكنت أخرج كل غداة فأجلس في الأبطح، فما أزال أبكي حتى أمسي سنة أو قريباً منها؛ حتى مرّ بي رجل من بني عمي أحد بني المغيرة، فرأى ما بي فرحمني. فقال لبني المغيرة: ألا تخرجون هذه المسكينة، فرّقتم بينها وبين زوجها وبين ولدها؟ قالت: فقالوا لي: إلحقي بزوجك إِن شئت. قالت فردّ بنو عبد الأسد إليّ عند ذلك إبني. قالت: فارتحلت بعيري، ثم أخذت إبني فوضعته في حجْري، ثم خرجت أريد زوجي بالمدينة. قالت: وما معي أحد من خلق الله. حتى إذا كنت بالتنعيم لقيت عثمان بن طلحة ابن أبي طلحة أخا بني عبد الدار. فقال: إلى أين يا إبنة أبي أُمية؟ قلت: أُريد زوجي بالمدينة. قال: أو ما معك أحد؟ قلت: ما معي أحد إلا الله وبُنيّ هذا. فقال: والله مالك من مترك، فأخذ بخطام البعير فانطلق معي يهوي بي؛ فوالله ما صحبت رجلاً من العرب قطُّ أرى أنه كان أكرم من. كان إِذا بلغ المنزل أناخ بي ثم استأخر عني حتى إذا نزلت إستأخر ببعيري فحطَّ عنه، ثم قيّده في الشجر، ثم تنحَّى إلى شجرة فاضطجع تحتها. فإذا دنا الرواح قام إلى بعيري فقدمه فرحَّله، ثم استأخر عني وقال: إركبي، فإذا ركبت فاستويت على بعيري أتى فأخذ بخطامه فقادني
حتى ينزل بي، فلم يزل يصنع ذلك بي حتى أقدمني المدينة. فلما نظر إلى قرية بني عمرو بن عوف بقُباء قال: زوجك في هذه القرية - وكان أبو سلمة بها نازلاً - فادخليها على بركة الله. ثم انصرف راجعاً إلى مكة. فكانت تقول: ما أعلم أهل بيت في الإِسلام أصابهم ما أصاب آل أبي سَلَمة؛ وما رأيت صاحباً قط كان أكرم من عثمان بن طلحة. أسلم عثمان بن طلحة بن أبي طلحة العبدري هذا بعد الحديبية، وهاجر هو وخالد بن الوليد رضي الله عنه معاً.