الأنصار: يا رسول الله، وجدتَنا في ظلمة فأخرجنا الله بك إلى النور، ووجدتنا على شَفا حفرة من النار فأنقذنا الله بك، ووجدتنا ضُلالاً فهدانا الله بك؛ قد رضينا بالله رباً، وبالإِسلام ديناً، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً، فاصنع يا رسول الله ما شئت في أوسع الحِلِّ. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «والله لو أجبتموني بغير هذا القول لقلت: صدقتم. لو قلتم: ألم تأتنا طريداً فآويناك، ومكذَّباً فصدَّقناك، وقبلنا ما ردَّ الناس عليك؟ لو قلتم هذا لصُدِّقْتُم» . فقال الأنصار: بل لله ولرسوله المنّ، ولرسوله المنّ والفضل علينا وعلى غيرنا. ثم بكوا، فكثر بكاؤهم وبكى النبي صلى الله عليه وسلم معهم. قال الهيثمي: وفيه رُشْدِين بن سعد، وحديثه في الرِقاق ونحوها حسن، وبقية رجاله ثقات. انتهى.
وأخرج البخاري أيضاً من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال ناس من الأنصار حين أفاء الله على رسوله ما أفاء من أموال هوازن، فطفق النبي صلى الله عليه وسلم يعطي رجالاً المائة من الإِبل. فقالوا: يغفرُ لله لرسول الله صلى الله عليه وسلم يعطي قريشاً ويتركنا، وسيوفنا تقطُر من دمائهم؟ قال أنس بن مالك: فحُدِّث رسول الله صلى الله عليه وسلم بمقالتهم، فأرسل إلى الأنصار فجمعهم في قُبة أَدَم لم يَدْع معهم غيرهم. فلما اجتمعوا قام النبي صلى الله عليه وسلم فقال:«ما حديث بلغني عنكم؟» فقال فقهاء الأنصار: أما رؤساؤنا - يا رسول الله - فلم يقولوا شيئاً، وأما ناس منا حديثة أسنانهم فقالوا: يغفر الله لرسول الله صلى الله عليه وسلم يعطي قريشاً ويتركنا وسيوفنا تقطر من دمائهم؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «فإني لأعطي رجالاً حديثي عهد بكفر أتألَّفهم، أما ترضون أن يذهب لنس بالأموال، وتذهبون بالنبي إِلى رحالكم؟ فوالله لَمَا تنقلبون به خير مما ينقلبون به» . قالوا: يا رسول الله، قد رضينا. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم «فستجدون أَثَرَة شديدة، فاصبروا حتى تلقَوا الله ورسولَه، فإنِّي على الحوض. قال أنس: فلم يصبروا. وعند أحمد أيضاً من حديث أنس: