وذكر ابن إسحاق أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أحقٌ ما تقول قريش يا محمد من تَرْكِ آلهتنا، وتسفيهك عقولنا، وتكفيرك آباءنا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «بلى، إنِّي رسول الله ونبيُّه، بعثني لأُبلِّغ رسالته، وأدعوك إلى الله بالحق فوالله إنه للحق، أدعوك يا أبا بكر إلى الله وحده لا شريك له، ولا تعبد غيره، والموالاة على طاعته» وقرأ عليه القرآن، فلم يقرَّ ولم ينكر، فأسلم وكفر بالأصنام، وخلع الأنداد، وأقر بحق الإسلام، ورجع أبو بكر وهو مؤمن مصدِّق. قال ابن إسحاق: حدَّثني محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن الحُصين التميمي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما دعوتُ أحداً إلى الإِسلام إِلا كانت عنده كَبْوة وتردّد ونظر إلا أبا بكر، ما عَكَم عنه حين ذكرته ولا تردد فيه» - عكم: أي تلبَّث.
وهذا الذي ذكره ابن إسحاق في قوله:«فلم يقر ولم ينكر» مُنْكَرٌ، فإن ابن إسحاق وغيره ذكروا أنه كان صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل لبَعْثة، كان يعلم من صدقه وأمانته وحسن سجيته وكرم أخلاقه ما يمنعه من الكذب على الخلق فكيف يكذب على الله؟ ولهذا بمجرد ما ذكر له أنَّ الله أرسله بادر إلى تصديق. ولم يتلعثم ولا عَكَم. وقد ثبت في صحيح البخاري عن أبي الدرداء رضي الله عنه في حديث ما كان بين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما في الخصومة وفيه: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إِنَّ الله بعثني إليكم فقلتم: كذبتَ، وقال أبو بكر: صدق، وواساني بنفسه وماله؛ فهل أنتم تاركون لي صاحبي؟» مرَّتين؛ فما أُوذي بعدها. وهذا كالنص على أنَّه أول من أسلم، كذا في البداية (٣٢٦ و ٢٧) .
دعوته صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب رضي الله عنه
أخرج الطبراني عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «اللَّهمَّ أعزَّ الإِسلام بعمر بن الخطاب أو بأبي جهل بن هشام» ،