للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مسلم ولا تأنيبه، إنما أراد بما سمعت أن ينبعث المتثاقلون إلى الأرض إِلى الجهاد.

فقام خالد بن سعيد رضي الله عنه فقال: صدق خليفة رسول الله، إجلس أيْ أخي، فجلس. وقال خالد: الحمد لله الذي لا إله إلا هو، الذي بعث محمداً صلى الله عليه وسلم بالهدى ودين الحق ليظهرَه على الدين كلّه ولو كره المشركون، فالحمد لله منجزِ وعدِه، ومظهرِ وعدهِ، ومهلِك عدوِّه، ونحن غير مخالفين ولا مختلفين، وأنت الوالي الناصح الشفيق، ننفر إذا استنفرتنا، ونطيعك إذا أمرتنا. ففرح بمقالته أبو بكر رضي الله عنه وقال له: جزاك الله خيراً من أخ وخليل؛ فقد كنت أسلمت مرتغِباً، وهاجرت محتسباً، قد كنت هربت بدينك من الكفر لكيما ترضي الله ورسوله وتعلو كلمته، وأنت أمير الناس فسِرْ يرحمك الله. ثم إنه نزل.

ورجع خالد بن سعيد رضي الله عنه فتجهّز. وأمر أبو بكر بلالاً فأذَّن في الناس أنِ انفِرُوا أيَّها الناس إلى جهاد الروم بالشام، والناس يَرَوْنَ أن أميرهم خالد بن سعيد، وكان الناس لا يشكُّون أن خالد بن سعيد أميرهم؛ وكان قد عسكر قبل كل أحد، ثم إن الناس خرجوا إلى معسكرهم من عشرة، وعشرين، وثلاثين، وأربعين، وخمسين، مائة كل يوم حتى اجتمع أناس كثيرون. فخرج أبو بكر رضي الله عنه ذات يوم ومعه رجال من الصحابة حتى انتهى إلى عسكرهم، فرأى عدّة حسنة لم يرضَ عدّتها للروم؛ فقال لأصحابه: ما ترون في هؤلاء إن أرسلتهم إلى الشام في هذه العِدّة؟ فقال عمر رضي الله عنه: ما أرضى هذه العِدة لجموع بني الأصفر. فقال لأصحابه: ماذا ترون أنتم؟ فقالوا: نحن نرى ما رأى عمر، فقال: لا أكتب كتاباً إلى أهل اليمن ندعوهم به إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>