فكان أول منتدب أبو عُبيد بنُ مسعود، ثم ثنّى سعد بن عبيد - أو سَلِيط بن قيس - رضي الله عنهم. فلما اجتمع ذلك البَعْث قيل لعمر: أمِّرْ عليهم رجلاً من السابقين من المهاجرين والأنصار. قال: لا والله لا أفعل، إِن الله إنَّما رفعكم بسبقكم وسرعتكم إلى العدوّ، فإذا جبنتم وكرهتم اللقاء فأولى بالرياسة منكم مَنْ سبق إلى الدَّفْع وأجاب إِلى الدعاء. والله لا أؤمر عليهم إلا أوّلهم إنتداباً؛ ثم دعا أبا عُبيد وسَلِيطا وسعداً، فقال: أما إِنكما لو سبقتماه لولّيتكا ولأدركتما بها إلى ما لَكما من القِدْمة؛ فأمَّر أبا عُبيدٍ على الجيش وقال لأبي عُبيد: إسمع من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأشرِكهم في الأمر، ولا تجتهد مسرعاً حتى تتبين؛ فإنَّها الحرب، والحرب لا يُصلحها إلا الرجل المكِيث الذي يعرف الفرصة والكفَّ.
وأخرجه الطبري أيضاً من طريق الشَّعْبي، وفي حديثه: فقيل لعمر رضي الله عنه: أمِّر عليهم رجلاً له صحبة. فقال عمر: إنما فَضلَ الصحابة بسرعتهم إلى العدوّ وكفايتهم مَن أبَى؛ فإذا فعل فِعْلهم قومٌ واثّاقلوا كان الذين ينفِرون خفافاً وثقالا ف أولى بها منهم، والله لا أبعث عليهم إلا أولَهم إنتداباً، فأمّر أبا عُبَيد، وأوصاه بجنده. انتهى.
مشاورة عمر الصحابة في الخروج إلى فارس
أخرج الطبري أيضاً عن عمر بن عبد العزيز قال: لما انتهى قتل أبي عُبيد بن مسعود إلى عمر واجتماع أهل فارس على رجل من آل كسرى، نادى في المهاجرين والأنصار، وخرج حتى أتى صِرَاراً. وقدَّم طلحة بن عبيد الله حتى يأتي الأعوَص، وسمَّى لميمنته عبد الرحمن بن عوف ولميسرته الزبير بن