حرّض الناس يوم صِفِّين، فقال: إنَّ الله عزّ وجلّ قد دلّكم على تجارة تُنجيك من عذاب أليم، تُشفي بكم على الخير: الإِيمان بالله عزّ وجلّ ورسوله صلى الله عليه وسلم والجهادِ في سبيل الله تعالى ذكره، وجعل ثوابه مغفرة الذنب ومساكن طيبةً في جنّات عدن؛ ثم أخبركم أنه يحب الذين يقاتلون في سبيله صفّاً كأنَّهم بنيان مرصوص، فسوّوا صفوفكم كالبنيان المرصوص، وقدّموا الدارع وأخرّوا الحاسر، وعضّوا على الأضراس - فذكر الخطبة بطولها.
تحريض علي رضي الله عنه على قتال الخوارج
وأخرج أيضاً عن أبي الوَدّاك الهمْداني: أنَّ علياً رضي الله عنه لما نزل بالنُّخَيلة وأيِسَ من الخوارج قام، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد: فإنه من ترك الجهاد في الله وأدْهَن في أمره كان على شفا هُلْكِهِ؛ إلا أن يتداركه الله بنعمة، فاتقوا الله وقاتلوا من حادّ الله، حاول أن يطفىء نور الله الخاطئين الضالّين القاسطين المجرمين، الذين ليسوا بقرّاء للقرآن، ولا فقهاءَ في الدين، ولا علماءَ في التأويل، ولا لهذا الأمر بأهل في سابقة الإِسلام، والله لو وُلُّوا عليكم لعملوا فيكم بأعمال كِسْرى وهِرَقْل. تيسَّروا وتهيَّؤوا للمسير إلى عدوِّكم من أهل المغرب، وقد بعثنا إِلى إخوانكم من أهل البصرة ليقدَموا عليكم، فإذا قدموا فاجتمعتم شَخَصْنا إن شاء الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله. انتهى.