عمل الله، في سبيل الله، وقع أجرهم على الله. وقال قائلنا: يبعثهم الله على ما أماتهم عليه. فقال عمر: أجل - والذي نفسي بيده - ليبعثم الله على ما أماتهم عليه؛ إنَّ مِنَ الناس من يقاتل رياءً وسمعة، ومنهم من يقاتل ينوي الدنيا؛ ومنهم من يلحمه القتال فلا يجد من ذلك بُدّاً. ومنهم من يقاتل صابراً محتسباً فأولئك هم الشهداء، مع أني لا أدري ما هو مفعول بي ولا بكم؛ غير أني أعلم أن صاحب هذا القبر - يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ قد غُفر له ما تقدم من ذنبه.
وعند ابن شيبة عن مسروق قال: إِن الشهداء ذكروا عند عمر بن الخطاب رضي الله عنه؛ فقال عمر للقوم: ما ترون الشهداء؟ قال: القوم: يا أمير المؤمنين هم من يقتل في هذه المغازي. فقال عند ذلك: إن شهداؤكم إذاً لكثير، إني أخبركم عن ذلك: إن الشجاعة والجبن غرائز في الناس يضعها الله حيث يشاء، فالشجاع يقاتل من وراء لا يبالي أن يؤوب إلى أهله. والجبان فارّ عن حليلته، ولكن الشهيد من احتسب بنفسه، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه، والمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده. كذا في كنز العمال.
قصة عبد الله بن الزبير وأمه
وأخرج نعيم بن حمّاد في «الفتن «عن ضِمام: أن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما أرسل إلى أمه أن الناس قد انفضُّوا عني وقد دعاني هؤلاء إلى الأمان. فقالت: إن خرجت لإِحياء كتاب الله وسنّة نبيه صلى الله عليه وسلم فَمُتْ على الحق، وإن كنت إنما خرجت على طلب الدنيا فلا خير فيك حيّاً ولا ميِّتاً. كذا في الكنز.