الله، لأنا كنت أحقرَ في نفسي وأصغرَ شأناً من أن يُنزِّل الله فيَّ قرآناً يُقرأ به ويُصلَّى به، ولكني كنت أرجو أن يرى النبي صلى الله عليه وسلم في نومه شيئاً يكذِّب الله به عنِّي، لما يعلم من براءتي، ويخبر خبراً؛ وأما قرآناً يُنزَّل فيّ فوالله لنفسي كانت أحقرَ عندي من ذلك. قالت: فلما لم أرَ أبويَّ يتكلمان قلت لهما: ألا تجيبان رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالا: والله ما ندري بما نجيبه. قالت: ووالله ما أعلم أهل بيت دخل عليهم ما دخل على آل أبي بكر رضي الله عنه في تلك الأيام. قالت: فلما استعجما عليّ إستعبرت فبكيتُ، ثم قلت: والله لا أتوب إِلى الله مما ذكرت أبداً. والله إني لأعلم لئن أقررت بما يقول الناس، - والله يعلم أنِّي منه بريئة -، لأقولنّ ما لم يكن، ولئن أنا أنكرت ما يقولون لا تصدِّقونني قالت: ثم التمست إسم يعقوب فما أذكره. فقلت: ولكن سأقول كما قال يوسف: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ}(يوسف: ١٨) .
قالت: فوالله ما برح رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلسه حتى تَغَشَّاه من الله ما كان يتغشَّاه، فسُجِّي بثوبه، ووضعت وسادة من أَدَمٍ تحت رأسه، فأما أنا حين رأيت من ذلك ما رأيت فوالله ما فزعت وما باليت، قد عرفت أني بريئة، وأن الله غيرُ ظالمي، وأما أبواي فوالذي نفس عائشة بيده ما سُرِّي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ظننت لتخرجنَّ أنفسُهُما فرقاً من أن يأتي من الله تحقيق ما قال الناس. قالت: ثم سُرِّيَ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس وإنه ليتحدَّر من وجهه مثل الجُمان في يوم شاتٍ، فجعل يمسح العراق عن وجهه ويقول: «أبشري