وعند أحمد عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: لما كان يوم بدر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ما تقولون في هؤلاء الأسرى؟» قال: فقال أبو بكر رضي الله عنه: يا رسول الله، قومك وأهلك إستبقهم واستأنِ بهم لعل الله أن يتوب عليهم. قال: وقال عمر: يا رسول الله، أخرجوك وكذّبوك قرّبهم فاضربْ أعناقهم. قال: وقال عبد الله بن رواحة رضي الله عنه: يا رسول الله، أنظر وادياً كثير الحطب فأدخلهم فيه، ثم أضرمه عليهم ناراً. قال: فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يردّ عليهم شيئاً. فقال ناس: يأخذ بقول أبي بكر، وقال ناس: يأخذ بقول عمر، وقال ناس: يأخذ بقول عبد الله بن رواحة.
فخرج عليهم. فقال: «إنَّ الله ليلينِّ قلوب رجال فيه حتى تكون ألين من اللبن، وإن الله ليشدّ قلوب رجال فيه حتى تكون أشد من الحجار. وإنَّ مَثَلَك يا أبا بكر كمثل إِبراهيم قال:{فَمَن تَبِعَنِى فَإِنَّهُ مِنّى وَمَنْ عَصَانِى فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}(إبراهيم: ٣٦) ؛ ومثلك يا أبا بكر كمثل عيسى قال:{إِن تُعَذّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}(المائدة: ١١٨) ؛ وإن مَثَلَك يا عمر كمثل نوح قال:{رَّبّ لاَ تَذَرْ عَلَى الاْرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً}(نوح: ٢٦) ؛ وإن مَثَلَك يا عمر كمثل موسى قال:{رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُواْ حَتَّى يَرَوُاْ الْعَذَابَ الاْلِيمَ}(يونس: ٨٨) . أنتم عَالَة فلا ينفلتنَّ أحد إلا بِفداء أو ضربة عنق» . قال